بالنجاسة (١) ، ففيه : أنّه لا يمكن الجمع بين الطهارة الواقعية والاستصحاب في الاستفادة من الأخبار المذكورة ، لأن قوله عليهالسلام : «حتى تعلم» إمّا أن يكون قيداً للموضوع أو للمحمول ، ولا تستفاد الطهارة الواقعية والاستصحاب على كلا الوجهين.
أمّا إن كان قيداً للموضوع كما في قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ...)(٢) فانّ الغاية قيد للموضوع وهو اليد وتحديد للمغسول ، لأنّ اليد قد تطلق على جميع العضو إلى المنكب ، وقد تطلق عليه إلى المرفق ، وقد تطلق على الزند كما في آية التيمم (٣) ، وقد تطلق على الأصابع كما في آية السرقة (٤) ، فقيدها في هذه الآية الشريفة لتعيين المراد من اليد ، فالغاية تحديد للموضوع لا غاية للغسل. فيكون المراد من قوله عليهالسلام : «كل شيء نظيف حتى تعلم أنّه نجس» أنّ كل شيء لم تعلم نجاسته فهو طاهر ، فيكون المراد قاعدة الطهارة الظاهرية للأشياء المشكوك فيها ، فانّ الشيء الذي لم تعلم نجاسته عبارة اخرى عن الشيء المشكوك فيه.
وكذلك إن كان قيداً للمحمول ، لأنّ المراد حينئذ أنّ الأشياء طاهرة ما لم تعلم نجاستها ـ أي ما دام مشكوكاً فيها ـ فيكون مفاد الرواية هو الحكم بالطهارة الظاهرية للأشياء المشكوك فيها على التقديرين ، ولا ربط لها بالطهارة الواقعية ولا الاستصحاب. نعم ، لو كان في الكلام تقدير وكان قوله عليهالسلام :
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٩٩.
(٢) المائدة ٥ : ٦.
(٣) النساء ٤ : ٤٣ ، المائدة ٥ : ٦.
(٤) المائدة ٥ : ٣٨.