لا توجب (١)
______________________________________________________
الفعل فيه مرجوحاً والترك راجحاً ، وبين المستحبات المتزاحمة.
وملخص الفرق : أن المستحبات المتزاحمة يكون فعل كل واحد منها أرجح من تركه ، فيصح التقرب بفعله بلا إشكال. بخلاف ما نحن فيه ، إذ في صورة تساوي مصلحتي الفعل والترك يشكل التقرب بأحدهما ، فضلا عما إذا كانت إحدى المصلحتين أقوى من الأخرى كما هو المفروض ، حيث ان مصلحة الترك أقوى من مصلحة الفعل ، ومع هذه الأقوائية الموجبة لمرجوحية الفعل كيف يمكن التقرب به ، بل المقرب حينئذ هو الترك فقط.
(١) خبر «وأرجحية» ودفع للتوهم المزبور ، ببيان : أن المانع عن التقرب هو مرجوحية الفعل لمفسدة ومنقصة في نفسه ، دون مرجوحيته لأجل اهتمام الشارع بمصلحة الترك زائداً على مصلحة الفعل الموافقة للغرض ، فانه ليس مانعاً عن التقرب به مع اشتماله على مصلحة في نفسه.
__________________
ولذا كان ضد الواجب ـ بناء على كونه مقدمة له ـ حراماً ، ويفسد لو كان عبادة ، مع أنه لا حزازة في فعله ، وانما كان النهي عنه وطلب تركه لما فيه من المقدمية له ، وهو على ما هو عليه من المصلحة ، فالمنع عنه لذلك كافٍ في فساده لو كان عبادة.
قلت : يمكن أن يقال : ان النهي التحريمي لذلك وان كان كافياً في ذلك بلا إشكال ، إلّا أن التنزيهي غير كاف ، إلّا إذا كان عن حزازة فيه ، وذلك لبداهة عدم قابلية الفعل المتقرب منه تعالى مع المنع عنه وعدم ترخيصه في ارتكابه ، بخلاف التنزيهي عنه إذا كان لا لحزازة فيه ، بل لما في الترك من المصلحة الراجحة ، حيث انه معه مرخص فيه ، وهو على ما هو عليه من الرجحان والمحبوبية له تعالى ، ولذلك لم تفسد العبادة إذا كانت ضد المستحبة أهم اتفاقاً ، فتأمل.