.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
ويمكن أن يقال : بعدم الحاجة إلى تقدير خبر من «موجود» أو «ممكن» حتى يلزم الإشكال المتقدم على كلا تقديري كون الخبر لفظ «ممكن» أو «موجود» بعد فرض صحة إرادة واجب الوجود من لفظ «إله» ، لإمكان استفادة نفي إمكان إله آخر ، وانحصار واجب الوجود فيه تعالى بكون كلمة «لا» للنفي البسيط ، نظير «لا أهل ولا مال» و «لا ضرر» بناء على كونه عنواناً للحكم ـ على التقريب المقرر في محله ـ ، فانه لا حاجة حينئذ إلى الخبر كما عليه التميميون ، إذ النفي على هذا كناية عن العدم المحمولي ، فمعنى «لا إله» لا واجب ، فالإله ـ أي الواجب ـ معدوم إلّا الله تعالى ، ومن المعلوم أن نفي الطبيعة وإثبات فرد واحد منها يفيد انحصار الواجب فيه عزّ اسمه.
ولا إشكال في أن العدم كما يكون رابطاً بين شيئين ، كقولك : «ليس الأسد مأكول اللحم» كذلك يكون محمولا كقولك : «السلطان العادل معدوم» ، والعدم المستفاد من كلمة «لا» النافية ـ على مسلك التميميين ـ عدم محمولي ، فلا يحتاج إلى تقدير خبر ، لتمامية الكلام بدونه.
وهذا الوجه وجيه ، لكنه يتوقف على ثبوت أمرين : أحدهما : كون المراد بالإله واجب الوجود ، والآخر : كون «لا» اسمية ، وهي غير ثابتة ، لاعتراف غير واحد بعدم الظفر بمن صرح بورود «لا» اسمية. كما أن الأول أيضا غير ثابت.
والأولى كما قيل وأشير إليه : «أن كلمة الإخلاص في صدر الإسلام لم يرد منها الا التوحيد في العبادة ، لا في أصل الألوهية ، ضرورة أنه كان ثابتاً عندهم قبل الإسلام أيضا ، كما يشهد بذلك قوله تعالى حكاية عنهم : «ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى».