أن الإضراب على أنحاء (١).
منها : ما كان لأجل أن المضرب عنه انما أتى به غفلة أو سبقه به لسانه ، فيضرب بها (٢) عنه إلى ما قصد بيانه ، فلا دلالة له (٣) على الحصر أصلا. فكأنه أتى بالمضرب إليه ابتداء (٤) كما لا يخفى.
ومنها : ما كان لأجل التأكيد ، فيكون ذكر المضرب عنه كالتوطئة
______________________________________________________
(١) ثلاثة : أحدها : أن يؤتى بها للتنبيه على أن المضرب عنه قد أتي به غفلة ، كقوله : «جاء زيد بل عمرو» أو سبق لسانه به ، كقوله : «اشتريت داراً بل دكاناً» فالمضرب عنه حينئذ كالعدم ، وكأنه لم يؤت به أصلا. وهذا النحو لا يفيد الحصر ، لأن المتكلم كأنه لم يتكلم ، ولم يخبر من أول الأمر إلّا بما أخبر به بعد كلمة «بل» ، ففي المثالين المزبورين كأنه قال : «جاء عمرو» ، و «اشتريت دكاناً» ، ومن المعلوم أنهما من اللقب الّذي لا مفهوم له ، كما سيأتي.
(٢) أي : بل الإضرابية عن المضرب عنه إلى الشيء الّذي قصد بيانه ، وهو المضرب إليه ، وضمير «به» في الموضعين راجع إلى المضرب عنه.
(٣) أي : لكلمة «بل» الإضرابية على الحصر أصلا ، والأولى تأنيث الضمير.
(٤) يعني : من دون سبق المضرب عنه وذكره قبله.
ثانيها : أن يؤتى بكلمة «بل» للتأكيد ، كقول الفقيه : «طهارة ماء الغسالة مثلا مما اشتهر بين الأصحاب ، بل قام عليها الإجماع» والمراد بالتأكيد المبالغة فيكون ذكر المضرب عنه توطئة وتمهيداً لبيان المضرب إليه من دون دلالتها على الحصر أصلا ، وقول المصنف : «ومنها ما كان لأجل التأكيد» إشارة إلى هذا النحو.