.................................................................................................
______________________________________________________
التخصيص بناء العقلاء ، ولم يثبت بناؤهم عليها الا في الشك في المراد ، ولذا عدت من الأصول المرادية ، فلا تجري الا فيما إذا شك في المراد. وأما إذا علم المراد ، وشك في كيفية الإرادة ، وأنها بنحو التخصيص أو التخصص ، فلا تجري لإثبات كيفيتها ، ففي مثال المتن يكون المراد ـ وهو عدم وجوب إكرام زيد ـ معلوماً ، لكن لا يعلم أن عدم وجوب إكرامه هل هو لعدم كون زيد فرداً للعام ـ أي لأنه ليس من العلماء ـ حتى يكون خروجه عن «أكرم العلماء» تخصصاً ، أو لعدم كونه بحكم العام مع كونه فرداً له ـ أي أنه من العلماء لكن لا يجب إكرامه ـ حتى يكون خروجه عن «أكرم العلماء» تخصيصاً ، فأصالة عدم التخصيص لا تجري هنا لإثبات كيفية إرادة المتكلم لعدم وجوب إكرام زيد ،
__________________
بالعموم ، وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا : كل من لا يجب إكرامه ليس بعالم وهو المطلوب. وعلى ذلك جرى ديدنهم في الاستدلالات الفقهية ، كاستدلالهم على طهارة الغسالة على أنها لا تنجس المحل فان كانت نجساً غير منجس يلزم تخصيص قولنا : كل نجس منجس» فان أصالة عدم تخصيص عموم هذه القاعدة تثبت عدم فردية الغسالة للمتنجس ، فتكون طاهرة.
وبالجملة ، فبأصالة عدم التخصيص يحرز عدم فردية المشتبه للعام ، وكون خروجه عنه بالتخصص ، فيترتب عليه أحكام الضد ، كالجاهل في المثال.
وأما بناء على تخصيص العام ، وإخراج المشتبه منه حكماً مع بقائه فيه موضوعاً ، فيمكن أن يحكم عليه بسائر أحكام العام ، كما إذا فرضنا أن للعلماء أحكاما غير وجوب الإكرام ، فإذا أخرجنا زيداً عنه بقولنا : «لا تكرم زيداً» فقد خرج عن وجوب الإكرام فقط ، وأما سائر أحكام العام فهي ثابتة له.