يكن امتثالا له (١) بناء (٢) على تبعية الأحكام لما هو الأقوى من جهات
______________________________________________________
(١) أي : للأمر ، يعني : وان لم يكن هذا السقوط امتثالا للأمر ، لأن امتثال الأمر عبارة عن فعل المأمور به بداعي أمره ، ولا أمر هنا بعد ترجيح النهي حسب الفرض وان كان يحصل الامتثال لو كان باقياً ، وانما يسقط لحصول الغرض الّذي يتبعه الأمر حدوثاً وبقاء ، وثبوتاً وسقوطاً.
(٢) قيد للنفي وهو عدم الامتثال ، يعني : ان عدم كون الفعل مأموراً به في حال الجهل القصوري بالحرمة حتى يتحقق به الامتثال مبني على تبعية الأحكام لأقوى المناطات الواقعية التي هي من الأمور الخارجية.
توضيحه : أن الأفعال المتعلقة للأحكام تتصف بوصفين :
أحدهما : كونها ذوات مصالح ومفاسد ، وهذا الوصف ثابت لها في نفس الأمر سواء علم المكلف باشتمالها على المصالح والمفاسد أم لا ، لما عرفت من كون الملاكات أموراً خارجية قائمة بالافعال تكويناً من دون دخل علم المكلف بتلك الملاكات في اتصاف الأفعال بالوصف المذكور.
ثانيهما : كونها متصفة بالحسن والقبح ، لكن اتصافها بها موقوف على العلم بتلك المصالح والمفاسد ، إذ المدح والذم لا يترتبان إلّا على الفعل الصادر عن الفاعل المختار العالم بصلاحه وفساده ، فلو صدر عنه في حالة الاضطرار إليه أو الجهل بهما لم يتصف ذلك الفعل بحسن ولا قبح. وعليه ، فالصلاة في الدار المغصوبة مثلا ذات مفسدة ، لغلبتها على المصلحة ، كما هو المفروض من البناء على الامتناع وتغليب جانب النهي ، لكنها لا تتصف بالقبح ، لعدم العلم بمفسدته ، فالعلم بالمصلحة والمفسدة موضوع لحكم العقل بالحسن والقبح.
إذا عرفت هذا التوضيح ، فاعلم : أن هنا احتمالين.
أحدهما : كون الأحكام الشرعية تابعة للملاكات النّفس الأمرية الثابتة في