لصيغة الأمر وان كان قضيتهما (١) عقلا تختلف (*) ولو مع وحدة
______________________________________________________
والتعرض له مع اشتراك النهي مع الأمر فيه والاستغناء عنه بما ذكره في أول المقصد من قوله : «الظاهر أن النهي ... إلى قوله مثل الأمر بمادته وصيغته ... إلخ» انما هو لأجل اختلاف حكم العقل في المقامين ، فانه لما كان وجود الطبيعة الّذي هو المطلوب في الأمر يتحقق بأول وجوداتها ، لانطباق الطبيعة عليه قهراً ، وحصول الغرض الداعي إلى الأمر بها الموجب لسقوط الأمر ، بخلاف عدم الطبيعة الّذي هو المطلوب في النهي ، حيث ان عدمها يتوقف عقلا على عدم جميع أفرادها الطولية والعرضية ، كان مقتضى حكم العقل في الأمر هو سقوط الطلب بأول وجودات الطبيعة ، وعدم سقوطه في النهي إلّا بترك جميع أفراد الطبيعة المنهي عنها ، من غير فرق في هذا التوقف بين إطلاق الطبيعة كقوله : «لا تشرب الخمر» وبين تقيدها بقيد كقوله : «لا تشرب ماء الرمان في زمان مرضك» ، فدلالة النهي على الاستمرار والدوام انما هي بحكم العقل ، لا الوضع كدلالة الأمر عليه.
ثم ان إطلاق الاستمرار والدوام وتقيده تابعان لإطلاق الطبيعة وتقيدها.
(١) يعني : أن مقتضى الأمر ـ وهو طلب إيجاد الطبيعة ـ ومقتضى النهي ـ وهو طلب ترك الطبيعة ـ يختلفان ، فان مقتضى الأمر يتحقق بأول وجودات الطبيعة ، ومقتضى النهي لا يتحقق إلّا بترك جميع أفرادها ، كما سبق بيانه.
__________________
(*) هذا الاختلاف منوط بكون الطبيعة تمام الموضوع للحكم في الأمر والنهي بلا دخل شيء من الخصوصيات في الحكم ، فحينئذ يكون الإتيان بالطبيعة المأمور بها بإيجاد فرد منها ، لأن المطلوب في الأمر إيجاد الطبيعة ونقض عدمها بالوجود ، ومن المعلوم تحققه بإتيان فرد منها ، ومتعلق النهي الزجر عن إيجاد