بالعصيان بمجرد الإتيان ، ففي أي مقام (١) اجتمع الحكمان في واحد؟
وأنت خبير بأنه (٢) لا يكاد يجدي بعد ما عرفت من أن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون ، لا وجوداً ولا ماهية ، ولا تنثلم به (٣) وحدته أصلا ، وأن (٤) المتعلق للأحكام هو المعنونات لا العنوانات ، وأنها (٥) انما تؤخذ في المتعلقات بما هي حاكيات كالعبارات ،
______________________________________________________
(١) هذا استفهام إنكاري ، يعني : فلم يجتمع الأمر والنهي في شيء من المقامين.
(٢) أي : تعلق الأحكام بالطبائع لا يجدي في جواز الاجتماع ، ولا يكون دليلا على الجواز بعد ما عرفت في المقدمة الثالثة : من أن تعدد العناوين العرضية لا يوجب تعدد المعنون ، لا وجوداً ، ولا ماهية ، لإمكان تصادقها على معنون واحد.
ومحصل ما أفاده في رد الدليل المذكور على جواز الاجتماع ، بقوله : «وأنت خبير ... إلخ» هو : أنه ـ بعد وضوح عدم تعلق الأوامر والنواهي بالطبائع بما هي هي ، بل بوجودها ، ووضوح قيام الملاكات الداعية إلى تشريع الأحكام بالمعنونات ، ووضوح عدم تعدد المعنون بالعناوين لا وجوداً ولا ماهية ـ يمتنع تعلق حكمين متضادين على موجود واحد وجوداً وماهية.
والحاصل : أن الحركة التي ينطبق عليها عنوانا الصلاة والغصب واحدة ، فيمتنع أن تكون محكومة بحكمين متضادين.
(٣) يعني : لا تنثلم بتعدد العنوان وحدة المعنون.
(٤) معطوف على «ان تعدد».
(٥) معطوف أيضا على «ان تعدد» يعني : وأن العنوانات انما تؤخذ بما أنها حاكية عن المعنونات ، كالعبارات الحاكية عن المعاني الفانية فيها صورها.