قالوا : وذلك الأصل دون النور فى المرتبة ، وفوق رتبة الظلمة.
ومنهم من قال : إن الامتزاج / إنما حصل بين المعدل ، والظلام ؛ لقربه منه ، وهؤلاء يرون إباحة كل ما فيه نفع لبدن الإنسان وروحه ، ويحرمون ذبح الحيوان.
الفرقة الخامسة : الكينونية (١).
وهؤلاء يزعمون : أن أصول العالم ثلاثة : النار ، والماء ، والأرض. وأن حدوث سائر الموجودات لا يكون إلا عنها ، وأن النار بطبعها خيرة ، والماء ضدها ، والأرض متوسطة.
فما كان من خير محض : فمن النار. وما كان من شر محض ؛ فمن الماء. وما كان متوسطا : فمن الأرض. وهؤلاء هم المعتقدون فى النار ، وعن مذهبهم : نشأ اتخاذ بيوت النيران فى البلدان ، وعبادتها تعظيما لها ؛ لكونها علوية نورانية ، لا وجود للعالم ولا بقاء له إلا بها. وهؤلاء حرموا النكاح ، والذبائح ، واعتكفوا على عبادة النيران ، ويسمون الصيامية أيضا.
وأما المجوس :
فقد اتفقوا أيضا على أن أصل العالم : النور ، والظلمة ، كمذهب الثنوية ، وقد اختلفوا وتفرقوا أربع (٢) فرق (٢).
الفرقة الأولى : الكيومرثيّة (٣).
أصحاب المقدم الأول كيومرث : وهو آدم عليهالسلام ؛ لأنه أول من مرث الأرض. وهؤلاء أثبتوا أصلين : النور : وعبروا عنه بيزدان. والظلام : وعبروا عنه بأهرمن.
__________________
(١) الكينونية : ويقال لهم الصّياميّة ، والتّناسخيّة أيضا : وهم زعموا أن الأصول ثلاثة : النار ، والأرض ، والماء. وهم يتعصبون للنار. والصيامية منهم : أمسكوا عن طيبات الرزق ، وتجردوا لعبادة الله ـ أما التناسخية منهم : فقد قالوا بتناسخ الأرواح فى الأجساد.
(الملل والنحل ٢ / ٥٨ ، ٥٩ والمغنى ٥ / ١٨)
(٢) فى ب (فرقا أربعا).
(٣) الكيومرثيّة : أصحاب المقدم الأول كيومرث. ويبدو أن أول من نسب إليه ـ فى الأساطير الفارسية ـ القول بأصلى الوجود هو (كيومرث) وهو فى الأساطير آدم أول الخليقة ـ وقيل : إنه أول من بشر بالأصلين يزدان ، وأهرمن. وذهب إلى أن يزدان أزلى قديم ، وأهرمن محدث مخلوق. أما عن آرائهم فانظر (المغنى ٥ / ٧١ ـ ٧٩ والملل والنحل ٢ / ٣٨ ، ٣٩ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٤٠ ، ٢٤١).