المسألة الحادية عشرة»
«فى تحقيق معنى الأجل ، ووجه الاختلاف فيه» (١)
والنظر فى الأجل من طرفين :
الأول : فى حقيقته ، ومعناه.
الثانى : فى أنه هل يجوز قطعه ، أم لا؟
أما حقيقة الأجل : فاعلم أن أجل كل شيء هو وقت تحققه ، وأما ما هو الوقت ، فسيأتى الكلام فى تحقيقه ، وبيان اختلاف الناس فيه ، وما هو الحق منه فيما بعد ؛ لكن لا بد من الإشارة إلى ما إليه ميل المحققين من أصحابنا فى تحقيق معنى الوقت ؛ لبناء الفرض عليه هاهنا.
والّذي إليه ميل القاضى ، وحذاق الأصحاب : أن وقت كل شيء هو ما قارنه من معلوم متجدد ، لم يكن ذلك الشيء قبله ـ وسواء كان ذلك المعلوم المتجدد وجودا : كما يقال : قدم زيد عند طلوع الشمس ، أو عدما : كما يقال : تحرك الجوهر عند عدم سواده ، أو بياضه.
وعلى هذا : فما جعل وقتا لشيء ، أمكن أن يكون ذلك الشيء وقتا له ؛ فإنه كما يقال قدم زيد عند طلوع الشمس ، ويجعل طلوع الشمس وقتا لقدوم زيد فيقال : طلعت الشمس عند قدوم زيد ؛ فيجعل قدوم زيد وقتا لطلوع الشمس على حسب قصد الموقت وإرادته ، وظهور ما جعل وقتا عند المخاطبة بالنسبة إلى الشيء الموقت به ؛ فالتأقيت لكل شيء تخصيص تحققه بمقارنة معلوم متجدد.
__________________
(١) لتوضيح رأى الأشاعرة فى هذه المسألة ، وردهم على خصومهم بالإضافة إلى ما ورد هنا :
انظر الإبانة عن أصول الديانة للأشعرى ص ٥٥ ، ٥٦ وأصول الدين للبغدادى ص ١٤٢ ـ ١٤٤ والإرشاد لإمام الحرمين ص ٣٦١ ـ ٣٦٣. ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤١٦.
ومن كتاب المتأخرين المتأثرين بالآمدي :
شرح المواقف ٢ / ٣٨٩ وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١١٨ ، ١١٩.
أما عن رأى المعتزلة : فانظر شرح الأصول الخمسة ص ٧٨٠ ـ ٧٨٤.