«المسألة الأولى»
(فى التحسين ، والتقبيح)
ذهبت المعتزلة ، والكرامية ، والخوارج ، والبراهمة (١) ، والثنوية (٢) ، والتناسخية (٣) ، وغيرهم : إلى أن الأفعال منقسمة فى أنفسها : إلى حسنة ، وقبيحة ، غير أن منها ما يعرف بضرورة العقل : كحسن الإيمان ، وقبح الكفران ، والكذب الّذي لا غرض فيه.
ومنها ما يدرك بنظر العقل : كحسن الصدق الّذي فيه ضرر ، وقبح الكذب الّذي فيه نفع.
ومنها ما يدرك / بالسمع : كحسن العبادات ، وقبح ترك الواجبات الشرعية عند المعترف بها.
ثم اختلف المعتزلة (٤) :
فذهب الأوائل منهم : إلى أن الحسن ، والقبح غير مختص بصفة موجبة لتحسينه ، وتقبيحه.
وذهب الجبائى ، ومن تابعه : إلى أن الحسن ، والقبيح [(٥) مختصان بصفة موجبة لتحسينهما ، وتقبيحهما (٥)].
__________________
(١) البراهمة : فرقة تنسب إلى إبراهما الّذي ذكر فى الفيدا أحد كتبهم المقدسة. والبراهمية نظام دينى ، واجتماعى ، وسياسى. وهم يعتبرون براهما الإله الأعلى. ومن أصولهم : تقسيم الأمة الى طبقات أربع. وقد نفى البراهمة النبوات ، وقالوا باستحالتها فى العقول. (انظر الملل والنحل ٣ / ٩٥ ـ ١٠٠ نشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٨٦ ـ ٢٩١).
(٢) الثنوية : هم أصحاب الاثنين الأزليين يزعمون أن النور ، والظلمة أزليان قديمان. وقالوا بتساويهما فى القدم ، واختلافهما فى الجوهر ، والطبع ، والفعل ، والحيز ، والمكان ، والأجناس والأبدان ، والأرواح.
وهم فرق خمس : المانوية والمزدكية والديصانية والمرقيونية والكينونية.
وقد رد عليهم متكلموا الإسلام وأبطلوا مذاهبهم. كما رد عليهم الآمدي فى ل ٢٢٥ / أ ـ ٢٢٦ / ب. (انظر المغنى ٥ / ٩ ـ ٧٠ والملل والنحل ٢ / ٤٩ ـ ٦٠ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٤٦ ـ ٢٥٣).
(٣) التناسخية : هم القائلون بتناسخ الأرواح فى الأجساد والانتقال من شخص إلى شخص ، وما يلقى الإنسان من الراحة ، والتعب ، والدعة ، والنصب ؛ فمرتب على ما أسلفه من قبل وهو فى بدن آخر ؛ جزاء على ذلك ـ وقد عرف المسلمون فكرة التناسخ عن الهنود ، وكتبوا الكتب الكثيرة فى نقضها فى وقت مبكر.
(انظر الملل والنحل ٢ / ٥٨ ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٨٨).
(٤) لتوضيح رأى المعتزلة فى هذه المسألة بالتفصيل : انظر المحيط بالتكليف للقاضى عبد الجبار ص ٢٣٤ ـ ٢٤٠ وشرح الأصول الخمسة له ص ٣٠١ ـ ٣٢٣ والمغنى فى أبواب التوحيد والعدل. له أيضا ١٤ / ٢٢ ـ ١١٠.
(٥) فى أ (مختص بصفة موجبة لتحسينه وتقبيحه).