«الفرع الأول»
فى امتناع مخلوق بين خالقين
وهذا مما لا نعرف فيه خلافا بين العقلاء ، غير أن الرسم جار بالدلالة عليه ، ليكون الحق معلوما بدليله ، ودفعا لوهم من يتوهم جواز نقيضه.
ولنا فيه مسلكان :
المسلك الأول :
أنه لو جاز وجود مخلوق واحد بين خالقين لم يخل : إما أن يكون كل واحد منهما مؤثرا فيه ، أو لا تأثير لواحد منهما فيه ، أو أن أحدهما هو المؤثر فيه دون الآخر.
فإن كان لا تأثير لكل (واحد (١)) منهما فيه : فليس مخلوقا لهما.
وإن كان أحدهما هو المؤثر فيه دون الآخر : فالخالق له هو المؤثر فيه ، والآخر ليس بخالق ؛ فيكون مخلوقا لأحدهما لا لهما.
وإن كان كل واحد منهما مؤثرا فيه : فإما أن يكون كل واحد مستقلا بخلقه ، وإيجاده ، أو غير مستقل.
فإن كان كل واحد مستقلا بالخلق : فلا معنى لكونه مستقلا به ، إلا أنه وجد به دون غيره ، ويلزم من استقلال كل واحد منهما ؛ امتناع استقلال كل واحد منهما ؛ كما تقرر فيما تقدم (٢).
وإن لم يكن كل واحد مستقلا بالخلق : فتأثير كل واحد منهما فيه : إما فى كله ، أو فى بعضه.
فإن كان مؤثرا فى كله : فإما أن يكون تأثيره على وجه يتحقق به الخلق ، والإيجاد ، أو لا على وجه يتحقق به الخلق ، والإيجاد.
__________________
(١) فى أ (لواحد).
(٢) يوجد أربعة أسطر زائدة فى ب (وإن لم يكن كل واحد منهما مستقلا بخلقه وإيجاده أو غير مستقل ، فإن كان كل واحد مستقلا بالخلق فلا معنى لكونه مستقلا به إلا أنه وجد به دون غيره ، ويلزم من استقلال كل واحد منهما امتناع استقلال كل واحد منهما كما تقرر فيما تقدم).