أمّا الخاص : ما كان مقتصرا على الرسل وأولي العزم وهذا قسمان :
الأول : ما ينزل على هؤلاء من الوحي بواسطة جبرائيل عليهالسلام لقوله تعالى :
(قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) (البقرة / ٩٨).
الثاني : ما نزل عليهم بغير واسطة لقوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ...) (الشورى / ٥٢).
(فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (النجم / ١١).
ويؤيده قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحديث المستفيض : «إنّ لي مع الله حالات لا يسعني فيها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل».
وهذا القسم من الوحي يشمل العترة الطاهرة أيضا لقوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (الأنبياء / ٧٤).
كما أشارت عدّة نصوص عنهم عليهمالسلام بذلك كما في مناقب ابن شهرآشوب عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث طويل في فضل أمير المؤمنين علي والصديقة الطاهرة فاطمة عليهماالسلام قال : «وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة ، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمرون بما يرضيك» (١).
فالوحي الوارد في الآية وحي تسديد لا وحي تشريع وذلك لأنّ قوله تعالى في ذيل الآية : (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) يفيد أنهم كانوا قبل ذلك عابدين لله ثم أيدوا بالوحي وعبادتهم لله إنما كانت بأعمال شرّعها لهم الوحي المشرّع قبلا. أضف إلى ذلك أن قوله تعالى : (وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) أي أوحينا إليهم تحقيق وتنفيذ أمر الزكاة التي هي إنفاق مالي خاصّ بشريعتهم ، فيكون إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أمرين متحققين تشريعا سابقا على الوحي التسديدي أو التكويني الذي هو عبارة عن إمدادهم بالتوفيق والقدرة والجاذبية المعنوية من أجل تنفيذ هذه الأمور (٢).
__________________
(١) لاحظ نور الثقلين : ج ٣ / ٤٤١.
(٢) لاحظ تفسير الميزان : ج ١٤ / ٣٠٥ وتفسير الأمثل : ج ١٠ / ١٨٢.