الصنف الثاني : ما يشمل أهل الآخرة المنعّمين في الجنة.
أما الصنف الأول :
فقد تحدثت آيات الكتاب العزيز عن عدّة أنبياء بأنّ لديهم قدرة الولاية التكوينية كإبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى وغيرهم.
قال تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة / ٢٦١).
فطلب إبراهيم عليهالسلام من الله سبحانه أن يريه إحياء الموتى كان لزيادة إيمانه ، ولم يكن طلبا لأجل دفع التحدّيات الموجّهة إليه ـ كما ادّعى السيد فضل الله ذلك على ولاية الأنبياء ـ فلم يرد في أي نصّ أن إبراهيم طلب حقيقة إحياء الموتى من أجل قومه أو من أجل دفع أي تحدّ منهم بذلك إذ لا ربط بين طلبه رؤية حقيقة الإحياء وبين تبليغ قومهم مفاهيم الدين وأسس التوحيد.
وقال تعالى حاكيا عن النبي موسى عليهالسلام :
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) (طه / ٧٨).
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) (الدخان / ٢٥).
(وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (البقرة / ٦١).
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) (الأعراف / ١١٨).
فهذه معاجز عدّة صدرت من موسى عليهالسلام فلو لم تكن له ولاية على هذه الأشياء لما انقلبت العصا إلى حيّة ، ولما تفجّر الماء من الصخر.
قد يقال :
إنّ هذه المعاجز كانت تسديدا لموسى عليهالسلام أمام التحدّيات الموجّهة إليه