(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا). و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
مضافا إلى أن الله تعالى أوكل أمر هذا النظام إلى ملائكته المدبرين بإذنه تعالى : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (٢) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٣) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٤) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٥) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (١) (النازعات / ٢ ـ ٦) وإلى ملك الموت وباعث الحياة ، فكل هؤلاء قد أعطوا الولاية من قبل الله تعالى على خلقه مع سبق إرادته تعالى على إرادتهم.
إنّ شبهة المفوّضة القائمة على عزل قدرة الله عن قدرة العبد كما صوّره جماعة من الغلاة لا أحد من الشيعة الإمامية يقول بها لأنها تستلزم وجود ولاية عرضية في قبال ولاية الله ، لأنّ معنى هذا أنه سبحانه خلق الخلق ثم فوّض شئونهم إلى الأنبياء والأوصياء مما يستلزم تعطيل القدرة الإلهية ، والولاية التكوينية ليست من هذا القبيل حتى يقال بأن الولي مشارك لله في أمر التكوين من دون إذن الله تعالى وأمره.
فالتفويض في شأن الولاية التكوينية لا يستلزم الاستقلالية عن الإرادة الإلهية ، فما ذكره المنكر لها عليه أن يراجع حساباته العلمية ولا يفتري على أئمتنا عليهمالسلام شططا فإنهم معشر لا يقاس بهم أحد على الإطلاق.
__________________
(١) فالنازعات هم الملائكة ينزعون أرواح الكفار عن أبدانهم بشدة كما يغرق النازع بالقوس فيبلغ بها غاية المدى. والناشطات هم الملائكة الذين يخرجون الأرواح من الأجساد ، وهؤلاء مخصوصون بالمؤمنين يخرجون أرواحهم برفق وسهولة ، بخلاف النازعات حيث هم مخصوصون بالكفار يخرجون أرواحهم بشدة ؛ وأما السابحات فهم ملائكة موكلون بإيصال روح المؤمن إلى الجنة وبروح الكافر إلى النار ، والسبح هو الإسراع في الحركة. والسابقات هم الملائكة الموكلون بالوحي إلى الأنبياء يسبقون الشياطين ، وقيل : إنها أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها وقد عاينت السرور شوقا إلى رحمة الله. والمدبرات هم الملائكة المدبرون للأمور ، وقيل : إن المراد بها الملائكة الأربعة المدبّرون لأمور الدنيا : جبرائيل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ، فجبرائيل يدبر أمر الرياح والجنود والوحي ، وميكائيل يدبّر أمر القطر والنبات ، وعزرائيل موكل بقبض الأرواح ، وإسرافيل يتنزّل بالأمر عليهم وهو صاحب الصور.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : أن المدبرات هي ملائكة تدبّر أمر العباد من السنة إلى السنة.