القرابة مع أكثر قبائلكم لأنّ الرسول كان يرتبط بقبائل قريش نسبيا ، وبالقبائل الأخرى سببيا عن طريق الزواج وعن طريق أمه ببعض أهالي المدينة من قبيلة بني النجّار وعن طريق مرضعته بقبيلة بني سعد. وفيه :
إنّ المخاطب في هذه الآية هم المهاجرون والأنصار وسائر المسلمين ممن آمن بالله ورسوله إلى يوم القيامة.
علاوة على هذا فإنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بالمدينة ولم يكن يتعرّض للأذى فيها لكي يحتاج إلى مثل هذه الوصية.
هذا وقد أشكل روزبهان الأشعري على مفاد الآية بكون الاستثناء فيها منقطعا فيصير المعنى : لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجرا لكن المودّة في القربى حاصلة بيني وبينكم ، فلهذا أسعى وأجتهد في هدايتكم وتبليغ الرسالة إليكم. ثم قال : قال بعضهم : الاستثناء متصل ، والمعنى لا أسألكم عليه أجرا من الأجور إلّا مودّتكم في قرابتي ، وظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو خصصناه بمن ذكر لا يدلّ على خلافة علي عليهالسلام بل يدل على وجوب مودّته ، ونحن نقول : إنّ مودّته واجبة على كل المسلمين ، والمودّة تكون مع الطاعة ، ولا كل مطاع يجب أن يكون صاحب الزعامة الكبرى (١).
لكنه مردود وذلك :
١ ـ أن المنقطع عبارة عن إخراج ما لو لا إخراجه لتوهم دخوله في حكم المستثنى منه نظير الاستدراك ، ومن الواضح أن المستثنى الذي ذكره ابن روزبهان أجنبي عمّا قبله بكل وجه فلا يتوهّم دخوله في حكمه حتى يستثنى منه (٢).
٢ ـ لقد تقرّر عند المحققين من أهل العربية والأصول أنّ الاستثناء المنقطع مجاز واقع على خلاف الأصل ، وأنه لا يحمل على المنقطع إلّا لتعذر المتصل ، بل ربّما عدلوا عن ظاهر اللفظ الذي هو المتبادر إلى الذهن مخالفين له لغرض الحمل على المتصل الذي هو الظاهر من الاستثناء كما صرّح به الشارح العضدي حيث قال :
واعلم أنّ الحقّ أنّ المتصل أظهر ، فلا يكون مشتركا بل حقيقة فيه ومجاز في
__________________
(١) إحقاق الحق : ج ٣ ص ١٩ ـ ٢٠.
(٢) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٧٨.