على أنه لا يناسبه كل هذا الاهتمام كما عرفت.
الإيراد الثاني :
ما تمحّله ابن كثير (١) وصاحب السيرة الحلبية (٢) ، من صرف ما وقع يوم الغدير إلى ما وقع عند رجوع الإمام علي عليهالسلام من اليمن ، فقد قال ابن كثير في تاريخه : أنّ النبي خطب بمكان بين مكة والمدينة عند مرجعه من حجة الوداع قريبا من الجحفة ، يقال له : غدير خمّ ، فبيّن فيها فضل علي بن أبي طالب عليهالسلام وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر إليهم من المعدلة التي ظنّها بعض جورا وتضيقا وبخلا ، والصواب كان معه عليهالسلام في ذلك ، ولهذا لمّا فرغ صلىاللهعليهوآلهوسلم من بيان المناسك ورجع إلى المدينة بيّن ذلك في أثناء الطريق فخطب خطبة عظمية في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ ، وكان يوم الأحد بغدير خمّ تحت شجرة هناك ، وذكر من فضل عليّ عليهالسلام وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه ، ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك ... إلى أن قال : وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه ، وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة ، ونحن نورد عيون ما روي في ذلك مع أعلامنا أنه لا حظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم ولا دليل ...».
والجواب :
١ ـ بالغض عن السبب الموجب لأن يذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فضل علي عليهالسلام بمقالته المشهورة : «من كنت مولاه ...» فإنّ ذلك كاف في بيان عظمة علي عليهالسلام وأن له ما للنبي طبق القذة بالقذة ، فبما أن للنبيّ ولاية عامة على الأموال والأنفس كذا هي بعينها لأمير المؤمنين عليهالسلام.
٢ ـ إن ابن كثير لم يأت بدليل يثبت ما قال ، بل قدّم أولا روايات هذه الواقعة ، فنقل عن محمّد بن إسحاق ، بسنده عن يزيد بن طلحة ، قال : لمّا أقبل عليّ عليهالسلام من اليمن ليلقى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكّة ، تعجّل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) البداية والنهاية : ج ٥ ص ١٥٨ ط. دار الكتب العلمية حوادث السنة العاشرة للهجرة.
(٢) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٧٥.