الإيراد الأول :
ما تمحّله البعض كما في النهاية لابن الأثير ، حيث ذكر أنه قيل سبب ذلك : أنّ أسامة قال للإمام علي عليهالسلام لست مولاي إنما مولاي ـ أي معتقي ـ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه ـ أي معتقه ـ فعلي عليهالسلام مولاه ـ أي معتقه (١).
فالحديث ـ بزعم هذا المستشكل ـ ورد في عتق الإمام علي عليهالسلام لأسامة لا أنه مولى للمؤمنين.
والجواب :
إذا كان أسامة بن زيد قد أعتقه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا معنى لإعتاق الإمام علي عليهالسلام له ، ولو فرض فلا يناسبه هذا الاهتمام العظيم ، على أنّ أسامة لم يعتقه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما أعتق أباه زيد بن حارثة ، فإطلاق أنّه مولى رسول الله عليه إنّما هو باعتبار انجرار الولاء إليه من أبيه ، ولهذا قال بعضهم : إنّ القائل لعلي عليهالسلام لست مولاي ، وإنما مولاي رسول الله هو زيد بن حارثة ، فقال رسول الله : «من كنت مولاه فعلي مولاه» ردّا لقول زيد.
ولعلّ هذا القول قاله إسحاق بن حمّاد بن زيد للمأمون ، لمّا جمع العلماء ليحتجّ عليهم في فضل علي عليهالسلام فيما ذكره صاحب العقد الفريد ، فقال إسحاق للمأمون : ذكروا أنّ الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثة لشيء جرى بينه وبين علي ، وأنكر ولاء عليعليهالسلام ، فقال رسول الله : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه».
فردّ عليه المأمون بأن ذلك كان في حجة الوداع ، وزيد بن حارثة قتل قبل ذلك ، وكأنّ من ذكر هذا العذر التفت إلى مثل ما ردّ به المأمون ، فغيّر العذر ، وقال : إنه قال ذلك في شأن أسامة بن زيد.
وسواء أقيل : إن ذلك في شأن زيد أو ابنه أسامة ، فزيد إنما هو مولى عتاقه وابنه أسامة كذلك بجر الولاء ، والإمام علي عليهالسلام لم يعتقه ، وإنما أعتقه النبي فكيف يكون زيد أو ابنه مولاه وهو لم يعتقه؟!
__________________
(١) النهاية لابن الأثير : ج ٥ ص ٢٢٧.