مقدمة على الحقيقة اللغوية ، ولم يستعمل في القرآن إلّا في ذلك المعنى كقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) (المرسلات / ٤٩) (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (آل عمران / ٤٤) وغيرهما من الآيات الكثيرة في القرآن المشتملة على لفظ الركوع الذي هو ركوع الصلاة لا الخشوع والتواضع.
مضافا إلى دلالة الروايات المتكاثرة من طرق العامة والخاصة على أنّ الآية نزلت في أمير المؤمنين علي عليهالسلام لمّا تصدق بخاتمه وهو في الصلاة.
قال العلّامة المجلسي (رضوان الله تعالى عليه) :
إنّ الآية نازلة في علي عليهالسلام وعليه إجماع المفسرين ، وقد رواها الزمخشري والبيضاوي والرازي في تفاسيرهم مع شدة تعصّبهم وكثرة اهتمامهم في إخفاء فضائله عليهالسلام إذ كان هذا في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار ، فإخفاء ذلك مما يكشف الأستار عن الذي انطوت عليه ضمائرهم الخبيثة من بغض حيدر الكرّار (١).
٢ ـ إنّ التدبّر واستيفاء النظر في الآية وما يحفّها من الآيات يعطي خلاف ما ذكروه ـ من أن المراد بالولاية هي النصرة ـ وأول ما يفسد من كلامهم ما ذكروه من أمر وحدة سياق الآيات ، وإنّ غرض الآيات التعرّض لأمر ولاية النصرة ، وتمييز الحق منها من غير الحق ، فإنّ السورة وإن كان المسلّم نزولها في آخر عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع لكن من المسلّم أيضا أنّ جميع آياتها لم تنزل دفعة واحدة ، ففي خلالها آيات لا شبهة في نزولها قبل ذلك ومضامينها تشهد بذلك ، وما ورد فيها من أسباب النزول يؤيده فليس مجرّد وقوع الآية بعد الآية أو قبل الآية يدلّ على وحدة السياق ، ولا أنّ بعض المناسبة بين آية وآية يدلّ على نزولهما معا دفعة واحدة أو اتحادهما في السياق.
فالآيات الواردة في سورة واحدة أو الآيات المتعاقبة ، ليست دائما ذات مفهوم مترابط ، كما لا تشير دائما إلى معنى واحد ، ولذلك يحصل كثيرا أن تروى لآيتين متعاقبتين حادثتان مختلفتان أو سببان للنزول ، وتكون النتيجة أن ينفصل مسير واتجاه كل آية ـ لصلتها بحادثة خاصة ـ عن مسير الآية التالية لها لاختلاف
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٢٠٥.