الدين الإسلامي إلى قوّته وتمكينه من إصلاح هذا العالم المنغمس بغطرسة الظلم والفساد.
ثم لا يمكن أن يعود الدين الإسلامي إلى قوته وسيطرته على البشر عامّة ، وهو على ما عليه اليوم وقبل اليوم من اختلاف معتنقيه في قوانينه وأحكامه في أفكارهم عنه ، وهم على ما هم عليه اليوم وقبل اليوم من البدع والتحريفات في قوانينه والضلالات في ادعاءاتهم. نعم لا يمكن أن يعود الدين إلى قوته إلّا إذا ظهر على رأسه مصلح عظيم يجمع الكلمة ويردّ عن الدين تحريف المبطلين ويبطل ما ألصق به من البدع والضلالات بعناية ربانية وبلطف إلهي : ليجعل منه شخصا هاديا مهديّا له هذه المنزلة العظمى والرئاسة العامة والقدرة الخارقة ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.
والخلاصة أنّ طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم ـ مع الإيمان بصحة هذا الدين وأنّه الخاتمة للأديان ـ يقتضي انتظار هذا المصلح (المهدي) ، لإنقاذ العالم ممّا هو فيه. ولأجل ذلك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة بل الأمم من غير المسلمين ، غير أن الفرق بين الإمامية وغيرها هو أنّ الإمامية تعتقد أنّ هذا المصلح (المهدي) هو شخص معيّن معروف ولد سنة ٢٥٦ هجرية ولا يزال حيّا هو ابن الحسن العسكري واسمه (محمد). وذلك بما ثبت عن النبي وآل البيت من الوعد به وما تواتر عندنا من ولادته واحتجابه. ولا يجوز أن تنقطع الإمامة وتحول في عصر من العصور ، وإن كان الإمام مخفيّا ، ليظهر في اليوم الموعود به من الله تعالى الذي هو من الأسرار الإلهية التي لا يعلم بها إلا هو تعالى.
ولا يخلو من أن تكون حياته وبقاؤه هذه المدة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له ، وليست هي بأعظم من معجزة أن يكون إماما للخلق وهو ابن خمس سنين يوم رحل والده إلى الرفيق الأعلى ، ولا هي بأعظم من معجزة عيسى إذ كلّم الناس في المهد صبيّا وبعث في الناس نبيّا.
وطول الحياة أكثر من العمر الطبيعي أو الذي يتخيل أنّه العمر الطبيعي لا يمنع منها فنّ الطب ولا يحيلها ، غير أنّ الطبّ بعد لم يتوصل إلى ما يمكنه