النفسي العام ، بحيث يعطيه قيمته الموضوعية ويحوّله إلى إيمان حاسم بمستقبل المسيرة الإنسانية ، وهذا الإيمان ليس مجرّد مصدر للسلوة والعزاء فحسب ، بل مصدر عطاء وقوة ، لأن الإيمان بالإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يعدّ إيمانا برفض الظلم والجور ، ولأنه (عج) وصلّى الله عليه «مصدر قوة ودفع لا تنضب لأنه بصيص نور يقاوم اليأس في نفس الإنسان ، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما ادلهمت الخطوب وتعملق الظلم ، لأنّ اليوم الموعود يثبت أن بإمكان العدل أن يواجه عالما مليئا بالظلم والجور فيزعزع ماضيه من أركان الظلم ، ويقيم بناءه من جديد ، وأنّ الظلم مهما تجبّر وامتد في أرجاء العالم وسيطر على مقدّراته ، فهو حالة غير طبيعية ولا بدّ أن ينهزم ، وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمة مجده ، تضع الأمل كبيرا أمام كل فرد مظلوم ، وكل أمة مظلومة في القدرة على تغيير الميزان وإعادة البناء» (١)
وفكرة المهدي الملخّص ليست بدعا من الفكر عند الشيعة الإمامية كما حاول داويت رونلدسن في كتابه عقيدة الشيعة ص ٢٣١ حيث ادّعى أنّ الشيعة ابتدعوا فكرة المهدي نتيجة الفشل الذريع الذي منيت به المملكة الإسلامية في توطيد أركان العدل أيام الدولة الأموية.
* * *
لقد آمن بخروج المخلّص كل الذين ينشدون التطلّع إلى عدل السماء وخلاصها ، فها هم النصارى قد ملئت طواميرهم بذكر خروج عيسى عليهالسلام في آخر الزمان لينقذ البشرية من آلامها وشقائها ، وكذا اليهود يقولون بأنه فنحاص بن عازار ؛ حيث يعتقدون بأنه ما زال حيّا وسيعود لإنقاذ بني إسرائيل (٢).
والزردشتيون يعتقدون بخروج شوسياني (منقذ العالم) بعد أن يتصارع يزدان (إله الخير) وأهريمان (إله الشر) فينكسر أهريمان وينعزل ويفوّض الأمور كلها إلى
__________________
(١) بحث حول المهدي (عج) الشريف للشهيد الصدر (قدسسره).
(٢) نشرت الجرائد والصحف عام ١٩٩٤ م أنّ علماء الفلك حذّروا من اصطدام شظايا من المذنّب شوميكر ليفي ٩ بكوكب المشتري العملاق ويؤكد هؤلاء العلماء أنّ كوكبنا لن يلحق به أيّ أذى كما أنه لن يراه الناس ، وهذا الحادث كما يعتقد اليهود الارثوذكس من طائفة لوبافيتش مؤشّر على خروج المسيح المنتظر ويقولون أن كتاب التعاليم اليهودية تصرّح بأنّ مجيء المسيح المنتظر سيسبقه انفجار او تصادم قوي مع كوكب المشتري.