أن العصمة شرط في صحّة النبوة ، فكذا هي شرط في صحة الإمامة ، لأن الإمامة خلافة عن النبوة وقائمة مقامها ، بل هي أرفع من مقام النبوة ، فإذا ثبتت ـ أي العصمة ـ للأدون ثبتت بطريق أولى للأرفع ، ولو لم يكن الإمام معصوما لأدى ذلك إلى التسلسل ، لأن الحاجة الداعية إلى الإمام هي ردع الظالم عن ظلمه ، والانتصاف للمظلوم منه ، فلو جاز أن يكون غير معصوم ـ لأن غير المعصوم معرّض للخطأ ـ لافتقر إلى إمام آخر ليكون لطفا بالنسبة إليه ، وذلك الإمام الآخر على تقدير عدم عصمته يفتقر إلى ثالث ، وهو إلى رابع ، وهكذا إلى ما لا نهاية بحيث يؤدي إلى التسلسل المستحيل. هذا مضافا إلى أنه لو فعل المعصية وجب الإنكار عليه ، وهذا يستلزم سقوط محله من القلوب ، وانتفت فائدة نصبه ـ وهي حصول القرب والبعد عن المعصية ـ وإن لم يجب الإنكار عليه ، سقط حينئذ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو محال أيضا.
فإذا ثبت استحالة اللازمين (أي وجوب الإنكار عليه ، وعدم وجوب الإنكار كما تقدم) ثبت استحالة الملزوم قطعا ـ أي عدم كونه معصوما ـ للمحذورين المتقدمين.
وأما النقل :
فبتقرير مقدمة هي :
بما أنّ الإمام يجب أن يكون معصوما ، والعصمة من الأمور الباطنة التي لا يعلمها إلّا الله تعالى ، فلا بدّ من نص من يعلم عصمته عليه ، أو ظهور معجزة على يده تدل على صدقه ، وقد نص الله تعالى على الإمام بقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (المائدة / ٥٦) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء / ٦٠) وقد ذكرنا الأدلة النقلية في الباب الخامس والعشرين وما بعده فلا نعيد.
(٢) لو سلّمنا بصحة صدور الخبر فلا بدّ من صرفه عن ظاهره والقول بأنّ المراد من «يصلحه» تمكينه من قبضة الحكم والسيطرة على أجهزة الدولة التي سوف يظهر فيها وينطلق منها بثورته ، أو يكون المراد من «يصلحه» مجيء الأمر بالخروج والانطلاق في ليلة واحدة وفي ساعة واحدة ، حيث يجتمع فيها أعوانه