الآية الثالثة :
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (النور / ٥٦).
في الآية خاطب سبحانه الأمة الإسلامية بأنه سوف يستخلف جماعة منهم صدّقوا بالله تعالى وبرسوله ، وبجميع ما يجب التصديق به مع العمل الصالح لأنّ التصديق يحثّ على العمل الصالح الذي هو الطاعة الخالصة لله تعالى ، ونتيجة هذا التصديق مع العمل الصالح سوف يكونون مؤهلين لنيل الخلافة الإسلامية (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) والاستخلاف هذا تماما كما استخلف الذين من قبلهم من الصالحين أمثال آدم وداود وسليمان وغيرهم.
ونتيجة هذا الاستخلاف سوف يكون التمكين من الله سبحانه لهؤلاء العباد ، والتمكين عبارة عن توطيد حكم الله وتثبيت أركانه في الأرض بعد أن كان متزعزعا ، لأنّ التمكين عكس التزلزل والاضطراب ، وبعد هذا التمكين يكون قد بدّل الله سبحانه خوفهم الذي كانوا عليه قبل التمكين ، بدّله تعالى بالأمن حيث تكون العبادة خالصة من كل شك وريب (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً).
والآية لا ريب أنها واردة بشأن مولانا الحجّة ابن الحسن المهدي (عج) الشريف مع أصحابه.
روى الجويزي عن العياشي في تفسيره بإسناده إلى الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام أنه قرأ الآية المباركة وقال : هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل ذلك بهم على يدي رجل منّا وهو مهديّ هذه الأمة وهو الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلى رجل من عترتي اسمه كاسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا» (١).
ومثله ما عن علي بن إبراهيم في تفسيره قال :
نزلت الآية في القائم من آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذا ورد مثله في مجمع البيان
__________________
(١) تفسير نور الثقلين : ج ٣ ص ٦٢٠ ح ٢٢٦.