لكن يرد على هذا :
أولا :
إنّ ثبوت الإمامة عند الشيعة الإمامية دون غيرهم لا يخرجها من أصول الدين.
ثانيا :
إنّ الشيعة هم الإسلام ، وليسوا فرقة مبتدعة أو مذهبا مصطنعا ، حتى يقال انهم فرقة من الفرق ، فقياس غيرهم عليهم قياس مع الفارق فتأمل.
هذا وقد استدلّ هؤلاء على أنها من أصول المذهب بما يلي :
إنه لو كانت الإمامة من أصول الدين ، للزم خروج الفرق الإسلامية غير الاثنا عشرية عن الدين ، ولزم تكفير المنكرين لها ، فيكون بذا الإسلام فرقة واحدة ، والباقي كفّارا ، لذا حكم بعضهم بكونها من أصول المذهب لا الدين دفعا للمحذور المتقدم ، ولذهاب بعض المتأخرين إلى الحكم بإسلامهم.
والجواب :
١ ـ إنّ الهروب دفعا للمحذور لا يخرجها عن كونها أصلا ، فيكون الخلاف صوريا ، مضافا إلى أنّ تبنّي هذا الرأي ما هو إلّا مماشاة معهم ومداراة لهم.
٢ ـ إنّ التكفير من لوازم عدم الاعتقاد بإمامة العترة الطاهرة ؛ والشيعة حينما يعتقدون بكفر منكرها ، فليسوا بدعا في ذلك ، ولا شواذا عن غيرهم ، فقد قال بمقالتهم جمع من العامة كالقاضي البيضاوي في مبحث الأخبار من كتاب المنهاج ، وجمع من شارحي كلامه بأنّ مسألة الإمامة من أعظم مسائل أصول الدين الذي مخالفته توجب الكفر والبدعة ، وكذا مال إلى هذا الاعتقاد الأسروشني (١) من الحنفية في كتابه المشهور بينهم بالفصول الأسروشني حيث ذهب إلى تكفير من لا يقول بإمامة أبي بكر ؛ بل هم يؤكدون ذلك بفعلهم أيضا حيث يتصدون لقتل (٢) من ظن أنّ أبا بكر ليس بإمام أو قال بإمامة أمير المؤمنين
__________________
(١) هو أبو الفتح مجد الدين محمد بن محمود بن حسين الحنفي المتوفى سنة ٦٣٢ ه.
(٢) وممن قتل في سبيل عقيدة التشيع الشيخان السعيدان الأول والثاني ، والقاضي السيد نور الدين التستري صاحب إحقاق الحق وآخرون ذكرهم العلّامة الأميني في شهداء الفضيلة فراجع.