يتصرّف بالكائنات على حسب ما تقتضيه المصلحة الربّانية من دون أن تشعر بوجوده تماما كخرق الخضر عليهالسلام للسفينة دون علم أصحابها ، وإلّا لكانوا منعوه من خرقها ، فخرقه للسفينة لمصلحة كانت خافية على أصحاب السفينة كذلك قتل الغلام وإقامة الجدار كان خافيا على موسى بحسب الظاهر. فأيّ مانع من أن يكون للإمام الغائب (عجّل الله فرجه الشريف) في كل يوم وليلة تصرّف كهذا النمط من التصرفات ويؤيده ما ورد من أنّه عليهالسلام يحضر الموسم في أشهر الحجّ ويصاحب الناس إلى غير ذلك ومع هذا فالناس لا يعرفونه.
أضف إلى ذلك أيضا : أنّه (عجّل الله فرجه الشريف) الشريف ليس غائبا عن كلّ العباد بل يظهر لبعض خواصّ مواليه الذين لهم الشرف بلقائه والاستفادة من نور وجوده ، وبالتالي تستفيد الأمّة بواسطتهم ، ويؤيّد ذلك ما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لجابر الأنصاري حينما سأله عن الإمام المهدي (عج) في آخر الزمان ، قال : «ذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان.
قال جابر : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أي والذي بعثني بالنبوة إنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب (١).
ومما ورد عن مولانا الإمام الصادق عليهالسلام قال : لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها ، ولو لا ذلك لم يعبد الله ، قال سليمان : قلت للصادق عليهالسلام : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السّحاب (٢).
وكذا ورد (٣) في التوقيع الصادر عن الحجّة (عج) الشريف لإسحاق بن يعقوب قال (عج) عليهالسلام : «وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب وإني لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل
__________________
(١) إلزام الناصب : ج ١ ص ٤٢٩ ط. الأعلمي وبحار الأنوار : ج ٥٢ ص ٩٣.
(٢) البحار : ج ٥٢ ص ٩٢.
(٣) البحار : ج ٥٢ ص ٩٢.