نواميس الطبيعة ، وهذا لا يكون إلّا بإقدار منه تعالى لصحّة دعوى مدّعيها بحقّ.
والأعمال التي كان يقوم بها السفراء الأربعة تتلخّص بقضاء حوائج المحتاجين وربط المؤمنين بإمامهم فكريا وعاطفيا وثقافيا عن طريق المراسلة وأجوبتها عبر التواقيع الصادرة منه (عج) الشريف بواسطة سفرائه المنصوبين.
قد يقال :
كيف نثبت أنّ التواقيع الصادرة منهم هي بخطّ الإمام عليهالسلام؟
والجواب :
١ ـ إذا ثبت بما تقدم كونهم سفراء الحجة المنتظر (عج) والأولان موثقان من الإمامين الهادي والعسكري عليهالسلام ثبت بطريق أولى كل ما يصدر منهم فيما لو كان له تعلّق بحكم شرعي هو صادر من الإمام عليهالسلام.
٢ ـ معاشرة الناس للسفراء قبل سفارتهم وبعدها حيث عرفوا بالإخلاص والإيمان والصدق ، كل هذا يجعلهم في السنام الأعلى من خاصة الشعب الموالي ، فكانوا لا يشكّون بما ينقله أحد السفراء إليهم شفويا أو كتبيّا عن الإمام المهدي (عج) الشريف.
٣ ـ إنّ مضمون الرسالة وأسلوب تبليغها يشهدان على صحة صدورها منه عليهالسلام ؛ إضافة إلى أنّ التوقيعات محفوفة بالقرائن والشواهد العادية والإعجازية الدالّة على صحتها ، فكانت تلاقى بالقبول لدى الشيعة وعلمائها يوم ذاك ؛ ويروى أنّ طريقة بعضهم بالكتابة هي أن يكتبوها بالقلم على الورق الأبيض من دون مداد لتكون علامة ومعجزة ، فيصدر الجواب من الناحية المقدّسة على هذه الرسائل (١).
هذه نبذة مختصرة عن بعض مجريات الغيبة الصغرى لا سيما المتعلقة بحياة السفراء أعرضنا عن تفاصيلها خوف الإطالة ، ولكن ينبغي التأكيد على عنصرين بارزين في شخصيات هؤلاء هما :
١ ـ العلم بمبادئ الإسلام المتمثلة بالعترة الطاهرة عليهمالسلام.
٢ ـ الإخلاص الشديد والارتباط العميق بالإمام المهدي (عج) الشريف.
... ومن البديهي أن من دون هذين العنصرين لا يمكن لأي فرد الوغول إلى
__________________
(١) إثبات الهداة : ج ٧. ودلائل الإمامة للطبري ص ٢٨٢.