وجب تصديقه لشهادة المعصوم بتطهيره من الكذب وادّعائه السفارة لابنه كذبا ، فإنّ كلّ ذلك منفيّ في حقّه وهكذا يوصي السفير الثالث للرابع بإيحاء من الإمام (عج) الشريف الذي لا ينصّ على إنسان يعلم بما أعطاه الله تعالى من العلوم اللدنيّة الفائضة إليه من علّام الغيوب.
الثاني : عدم وجود إنكار من الشيعة على أحد من السفراء الأربعة أو التشكيك في كونهم وكلاء الإمام عليهالسلام فعدم الإنكار يستلزم صحّة سفارتهم ، لذا ادّعى السفارة جماعة مستغلّين هذا الارتكاز العقلائيّ المتسالم عليه عند الشيعة آنذاك من عدم إنكارهم لسفارة أولئك الأجلّاء الأربعة وإلّا لو كان هناك أيّ اعتراض أو إنكار على سفارة الأربعة لما ادّعاها المدّعون كذبا وبهتانا ، إضافة إلى أنّ عدم إنكار الشيعة لسفارة الأربعة له مقتضياته وأسبابه منها : الصدق والأمانة عند هؤلاء في أوساط المسلمين المشفوع بتوثيق المعصوم وتبليغ السفير السابق لللاحق بأمر من الإمام (عج) الشريف.
الثالث : وأهمّ الطرق التي توجب اطمئنانا وسكونا لدى النفس لتقبل سفارة السفير هو طريق إقامة المعجزة على يد السفير لإثبات مدّعاه ، حيث إن أغلب الشيعة الذين كانوا يستفتون الإمام عن طريق السفير كانوا يطلبون ما يثبت مدّعاهم أو أنهم ـ أي السفراء ـ كانوا يقيمونها ابتداء (١) ، لسببين :
الأول : كون السفير صادقا في دعواه للسفارة وغير طامع بالزعامة المزيفة في دعوى السّفارة.
الثاني : إفحام المدّعين للسّفارة زورا وإظهار كذبهم وذلك لأنّ الموالى حينما يرى قدرة السفير على إقامة المعجزة بإذن الله تعالى وأمره وعجز الآخرين عن ذلك تعيّن لديه صدق الأوّل وكذب الثاني.
ومن الضروري القول : إنّ السفارة الإلهيّة من المناصب العظيمة التي يكثر لها المدّعون ويرغب في الحصول عليها الراغبون ونتيجة هذا أن يشتبه الصادق بالكاذب ويختلط المضلّ بالهادي ، فلا بدّ حينئذ لمدّعي السفارة أن يقيم شاهدا واضحا يدلّ على صدقه في الدعوى وأمانته في التبليغ ولا يكون هذا الشاهد من الأفعال العادية التي يمكن لغيره أن يأتي بنظيرها فينحصر الطريق بما يخرق
__________________
(١) إكمال الدين : ص ٥٠٢ ح ٣٠ وح ٣٤.