لشيخهم المفيد ، لا سيما عند تعرّضهم لترجمة حياته مع أنهم أطروا عليه بأحسن الثناء ، وكذا غيرهم كابن إدريس الحلي وأبي الفتح الكراجكي وهو تلميذ المفيد أيضا لم يتعرض لفحوى الرسالة ، وعلى أي حال سواء أكانت الرسالة منسوبة أو صادرة من مولانا الحجة المنتظر عليهالسلام فلا يشملها ما ورد في التوقيع الصادر عن السفير الرابع رضي الله عنه وأرضاه.
هذا مع وجود فرق بين الباب والسفير وبين مثل المكاتبة التي تشرف بها المفيد (قدسسره) على فرض صحة ذلك ، حاصل هذا الفرق هو أن السفير كالنواب الأربعة في الغيبة الصغرى منصّب من قبل الحجة عليهالسلام بنحو دائم كحلقة وصل بين الشيعة والإمام بحيث يكون على اتصال مستمر من وإلى الحجة عليهالسلام يسلّمه ويستلم منه الرسائل المتضمنة للفتاوى والأحكام ، وتظهر الخوارق على يديه من قبل الإمام عليهالسلام مع إظهار السفير سفارته لأجلّاء الطائفة الإمامية ، وأين هذا من مثل المكاتبة المذكورة؟! فالمراد من البابية المحرّمة في عصر الغيبة هي أن يكون الوسيط بابا في استلام وإظهار الفتاوى والأحكام على يده.
وقد عرضت شبهة عند بعضهم طبقا لظاهر الخبر ، حيث إن مفاده تكذيب كلّ من ادّعى المشاهدة وهو يصطدم بأخبار قطعيّة تفوق حدّ التواتر في الماضي والحاضر تنصّ على مقابلة الكثير من الصلحاء والعلماء الأتقياء بالإمام المهدي (عج) في غيبته الكبرى ، ومقتضى هذه الأخبار القطعيّة لزوم تصديق المخبرين لها في الجملة لتواترها ومعارضتها مع هذا التوقيع الوارد بخبر واحد. ويمكن ردّ هذا التعارض بحمل التوقيع الشريف على دعوى المشاهدة مع ادّعاء السّفارة والوكالة عنه (عج) الشريف وإيصال الأخبار من جانبه على غرار ما كان يحصل على يد السفراء الأربعة في الغيبة الصغرى ، ولا حاجة بنا لما ذكره بعض من ترجيحه نقولات المشاهدة وإسقاط الخبر أو بالعكس ، أو بالاعتراف بصدق هذه النقولات ومطابقتها للواقع لكن نلتزم بوجوب تكذيبها تعبّدا ، إلى ما هنالك من وجوه سقيمة ولا حاجة لذكرها هنا.
إلى هنا انتهينا من النقطة الأولى في سرد بعض النقاط المتعلقة بالغيبة الصغرى.