وقت الظهور مبهم لا يعلمه إلّا الله والإمام ، وهذا يتطلّب من الفرد شعورا نفسيّا مشبعا بالإخلاص والفداء لإمام زمانه إذا ظهر وطلب منه النصرة والتضحية ، وإلّا فإنّ الانتظار ليس بمعنى الاسترخاء ورفض المسئوليّة والعمل والتعهّد ، وإحالة ذلك إلى إمام الزمان ، وهذا كما قلنا سابقا خلاف مفهوم الانتظار الذي هو ترقّب قدوم غائب والعمل بتهيئة ما يسرّه ويفرحه حيث يشكّل بدوره دعامة كبرى في تمهيد الفرج وبسط العدل.
ـ العنصر الثالث : ويراد منه الالتزام بتطبيق أحكام الشريعة التي لا تنحصر بفترة زمنيّة معيّنة بل سارية في كل عصر وحاكمة على تصرّفات الفرد وأفعاله وأقواله فيكتسب الإرادة القويّة وعمق الإخلاص بحيث يؤهّل الفرد للتشرّف بتحمّل طرف من مسئوليات اليوم الموعود ، والتضحية بالنفس والنفيس من أجل إمام الزمان (عج) الشريف.
هذا الالتزام والسلوك العمليّ واجب على كلّ فرد مسلم سواء ظهر الإمام أم لا لكنّه يزداد تأكيدا عند ما يعلم الإمامي أنّ قائده معاصر له ، يراقب أعماله ويعرف أقواله ويأسف لسوء تصرفه ، فهذا الإحساس يولّد وجوب إعداد النّفس لليوم الموعود بتحمّل المسئوليات في حاضره ومستقبله لكي لا يكون عاصيا لقائده متمرّدا على تعاليمه ، إضافة إلى أنّه يسرع بالفرد إلى النجاح في التمحيص قبل الظهور وبهذا يكون المنتظر قد أحرز الخير لنفسه وأمّته والبشرية جمعاء مع المساهمة في إرضاء إمامه المهديّ وجلب الراحة إليه بزيادة المؤمنين وقلّة العاصين والمشاركة الحقيقية في الإعداد لليوم الموعود الذي انتظرته أجيال فأجيال ويندفع ما قد يتصوّره بعض السّذج من أنّ المهديّ عليهالسلام لا يخرج إلّا بعد أن تمتلئ الأرض جورا وظلما فيتعيّن على الأفراد ترك الإصلاح وعدم معارضة الظلم والظالمين فذلك يعجّل بظهورهعليهالسلام اعتمادا على إصلاح الإمام المهدي (عج) الشريف حال خروجه.
ويكفي في دفع هذا التصوّر الخاطئ أنّ مشاركة الفرد والمجتمع في إيجاد شرط الظهور لا يكون إلّا بالعمل الجادّ المنتج لرفع درجة الإخلاص والشعور بالمسئولية ، ليكون في إمكان المخلصين المشاركة في مهامّ هداية العالم عند ظهوره (عج) الشريف. إضافة إلى أنّ المرء عليه أن يجعل نفسه على مستوى رضا الله ورضا الإمام المهدي قبل الظهور وبعده ولن يكون ذلك إلّا بقيامه بواجباته وما