من الطعون في الراوي والشناعات عليه التي تستوجب رفض روايته وطرحها. ويبدو أنهم يعدّونها بمنزلة الكفر والشرك بل أشنع ، فكان هذا الاعتقاد من أكبر ما تنبز به الشيعة الإمامية ويشنع به عليهم.
ولا شكّ في أنّ هذا من نوع التهويلات التي تتخذها الطوائف الإسلامية فيما غبر ذريعة لطعن بعضها في بعض والدعاية ضدّه.
ولا نرى في الواقع ما يبرّر هذا التهويل ، لأنّ الاعتقاد بالرجعة لا يخدش في عقيدة التوحيد ولا في عقيدة النبوّة ، بل يؤكد صحة العقيدتين ، إذ الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشر ، وهي من الأمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تكون معجزة لنبيّنا محمد وآل بيته صلّى الله عليه وعليهم وهي عينا معجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح عليهالسلام ، بل أبلغ هنا لأنها بعد أن يصبح الأموات رميما (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٩) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٨٠)) (يس / ٧٩ ـ ٨٠) ، وأما من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل ، فلأنه لم يفرّق بين معنى التناسخ وبين المعاد الجسماني ، والرجعة من نوع المعاد الجسماني ، فإنّ معنى التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأول ، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني ، فإنّ معناه رجوع نفس البدن الأول بشخصيّاته النفسية فكذلك الرجعة. وإذا كانت الرجعة تناسخا فإنّ إحياء الموتى على يد عيسى عليهالسلام كان تناسخا ، وإذا كانت الرجعة تناسخا كان البعث والمعاد الجسماني تناسخا.
إذن ، لم يبق إلّا أن يناقش في الرجعة من جهتين :
الأولى : أنّها مستحيلة الوقوع.
الثانية : كذب الأحاديث الواردة فيها.
وعلى تقدير صحّة المناقشتين فإنّه لا يعتبر الاعتقاد بها بهذه الدرجة من الشناعة التي هوّلها خصوم الشيعة. وكم من معتقدات لباقي طوائف المسلمين هي من الأمور المستحيلة أو التي لم يثبت فيها نص صحيح ، ولكنها لم توجب تكفيرا وخروجا عن الإسلام ، ولذلك أمثلة كثيرة : منها