والتقية في كل شيء إلّا في النبيذ والمسح على الخفين (١).
قد يقال : إن هذا الخبر معارض للخبر الدالّ على أن التقية في كل شيء يضطرّ إليه ابن آدم.
أجيب عنه بوجوه :
الأول : إنّ خبر أبي عمر الأعجمي من مختصات الأئمة عليهمالسلام كما نصّ على ذلك صحيحة زرارة قال : قلت له : في مسح الخفين تقية؟ قال عليهالسلام : ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا : شرب المسكر ، ومسح الخفين ومتعة الحج ، قال زرارة : ولم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن أحدا (٢) ، أي عدم التقية فيهنّ مختصّ بهم عليهمالسلام لوجهين :
١ ـ إما لأنهم يعلمون أنه لا يلحقهم الضرر بذلك ، وأنّ الله يحفظهم.
٢ ـ وإما لأنها كانت مشهورة من مذهبهم عليهمالسلام فكان لا ينفعهم التقية.
الثاني : أنّ ما ورد في رواية أبي عمر من أنه لا تقية في الأمور الثلاثة لأجل مشقة يسيرة لا تبلغ إلى الخوف على النفس أو المال وإن بلغت أحدهما جازت.
الثالث : أنه لا تقية فيها لظهور الخلاف فيها بين المخالفين فلا حاجة إلى التقية.
الرابع : لعدم الحاجة إلى التقية فيها لجهات أخرى ، أما في النبيذ فلإمكان التعلّل في ترك شربه بغير الحرمة كالتضرر به ونحو ذلك ، وأما في المسح فلأن الغسل أولى منه وهم لا يقولون بتعيّن المسح على الخفين ، وأما في متعة الحج فلأنهم يأتون بالطواف والسعي للقدوم استحبابا ، فلا يكون الاختلاف إلّا في النية وهي أمر قلبي لا يطّلع عليه أحد ، والتقصير وإخفاؤه في غاية السهولة.
قال في الذكرى :
يمكن أن يقال :
هذه الثلاث لا تقية فيها من العامة غالبا لأنهم لا ينكرون متعة الحج ،
__________________
(١) أصول الكافي : ج ٢ ص ٢١٧ ح ٢.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١١ ص ٤٦٩ ح ٥.