٥ ـ وفي صحيحة وحسنة الفضلاء عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة ، عن اسماعيل الجعفي ومعمّر بن يحيى بن سام ومحمد بن مسلم وزرارة قالوا : سمعنا أبا جعفر عليهالسلام يقول : التقية في كل شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه الله له (١).
هذه الصحيحة وغيرها من الأخبار المعتبرة والتي ظاهرها الإطلاق في كل مورد يظن أو يحتمل احتمالا عقلانيا ترتّب ضرر فيه على تركها ، لكن في المقابل هناك مقيدات لهذا الإطلاق حتى لا يتوهم جريان التقية في كل ما تشتهي الأنفس وتهواه النفس الأمّارة ، وهذه المقيدات هي بمثابة مستثنيات من المستثنى منه هي :
١ ـ ما لو أكره على قتل نفس محترمة كما ورد في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
إنّما جعلت التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فليس تقية (٢).
فالحكمة من تشريع التقية هي حفظ النفس من الهلاك سواء الهلاك النفسي أي لنفس المتقي من الغير أم الهلاك الغيري أي التحرز من إهلاك غيره ، فكلا الأمرين يحرم على المرء ارتكابهما أي إيقاع نفسه في التهلكة والقتل وإيقاع غيره كذلك.
والمشهور أنه إن أكرهه على الجراح الذي لا يسري إلى فوات النفس يجوز فعله إن ظن أنه يقتل إن لم يفعل ، من باب التزاحم بين قتل المكره وبين الآخر الذي يريد جرحه فيقدم الجرح على القتل.
٢ ـ تحرّم التقيّة فيما إذا لم يترتب على ترك التقية أي ضرر عاجل أو آجل ، وذلك لأنّ التقية قد أخذ في موضوعها احتمال الضرر ، فإذا لم يترتب هناك ضرر على تركها فهي خارجة عن موضوع التقية رأسا.
٣ ـ مسح الخفين وشرب الخمر حيث ذكر الفقهاء أن التقية غير جارية فيهما لما ورد عن أبي عمر الأعجمي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
__________________
(١) أصول الكافي : ج ٢ ص ٢٢٠ ح ١٨.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١١ ص ٤٨٣ ح ١ وفي المحاسن للبرقي : ص ٢٥٩ فيه : (الدماء .. فإذا بلغ الدماء فلا تقية).