وكذا قول إبراهيم عليهالسلام : (إِنِّي سَقِيمٌ) ولم يكن سقيما في جسده ، فإنه عليهالسلام أراد التخلّف عن القوم المشركين الذين حاولوا أخذه معهم ليعبدوا الآلهة ، فتعلل بذلك أنه سقيم القلب بما يرى من القوم من عبادة الأصنام أو لما علم من شهادة الحسين عليهالسلام فصار سقيما ، كذا قال لهم إبراهيم عند ما سألوه من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال : (فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ).
فالإمام عليهالسلام استشهد بالآيتين على التنظير لرفع الاستبعاد عن جواز التقيّة بأنه إذا جاز ما ظاهره الكذب لبعض المصالح التي لم تصل إلى حدّ الضرورة وجواز إظهار خلاف الواقع قولا وفعلا عند خوف الضرر العظيم أولى (١).
٢ ـ وفي صحيحة هشام الكندي قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إياكم أن تعملوا عملا يعيرونا به ، فإنّ ولد السوء يعير والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شينا ، صلّوا في عشائرهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم والله ما عبد الله بشيء أحبّ إليه من الخبء ، قلت : وما الخبء؟ قال : التقية (٢).
٣ ـ وفي صحيحة معمر بن خلّاد قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن القيام للولاة؟ فقال عليهالسلام : التقية من ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له (٣).
٤ ـ وفي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به (٤).
والحديث واضح الدلالة على وجوب التقية في كل ما يضطرّ إليه الإنسان إلّا ما خرج بدليل ، وعلى أن الضرورة منوطة بعلم المكلّف وظنه وهو أعلم بنفسه كما قال تعالى (الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) والله يعلم من نفسه أنّه مداهنة أو تقية.
__________________
(١) مرآة العقول : ج ٩ ص ١٦٨.
(٢) أصول الكافي : ج ٢ ص ٢١٩ ح ١١ وفي الوسائل : ج ١١ ص ٤٧١ يوجد «خباء» بدل «حبأ».
(٣) أصول الكافي : ج ٢ ص ٢١٩ ح ١٢.
(٤) أصول الكافي : ج ٢ ص ٢١٩ ح ١٣.