وقد أشارت النصوص الصحيحة أنّ أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام قبلة المهتدين والقاصدين إليه تعالى ، وكونه هاديا لهم باعتباره الدالّ على الله تعالى والمرشد إليه ، وقد عصمه سبحانه بعلم لا ريب فيه ، يجعله في قمّة الدالّين عليه تعالى والحافظين لشريعته.
٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة / ١٢٥).
روى فى الكافي في باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة عن زيد الشحّام قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إنّ الله تعالى اتّخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا ، وإنّ الله تعالى اتّخذه نبيّا قبل أن يتخذه رسولا ، وإنّ الله تعالى اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا ، وإنّ الله تعالى اتّخذه خليلا قبل أن يجعله إماما ، فلما جمع له هذه الأشياء : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) قال : فمن عظمها في عين إبراهيم : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : لا يكون السفيه إمام المتقي (١).
فمنزلة الإمامة الممنوحة لإبراهيم عليهالسلام بعد اجتيازه لكل الاختبارات ، تفوق منزلة النبوة والرسالة ، ولو لم تكن أهم من المنصبين المتقدمين عليها لما كان سبحانه شرّفه بها ، إذ لا يشرّف المرء بالأدون ، فبذا تكون أصلا عظيما منحه الله تعالى لعبده الرسول إبراهيمعليهالسلام.
٣ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (النساء / ٥٩) المستفاد منها أداء أمانة الإمامة ، والروايات في تفسيرها بالإمامة كثيرة منها ما رواه الكليني في باب أنّ الأئمة لم يفعلوا شيئا إلّا بعهد من الله عزوجل وأمر منه لا يتجاوزونه ، بإسناده عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال : حدثنى الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام قال : قلت لأبى عبد الله عليهالسلام : أليس كان أمير المؤمنين عليهالسلام كاتب الوصية ورسول الله المملي عليه وجبرائيل والملائكة المقرّبون شهودا؟.
قال : فأطرق طويلا ثم قال : يا أبا الحسن قد كان ما قلت ، ولكن حين نزل برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الأمر ، نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجّلا ، نزل به جبرائيل
__________________
(١) أصول الكافي : ج ١ ص ١٧٥.