وشرّعوا لشيعتهم أنهم إذا دخلوا في الحكومات الجائرة اضطرارا لدفع هجوم العدوّ عليهم أن يدخلوا دفاعا عن بيضة الإسلام لا عن أولئك الحكّام ، ويشهد له ما روي عن محمد بن عيسى ، عن مولانا الإمام الرضا عليهالسلام «إن يونس سأله وهو حاضر عن رجل من هؤلاء مات وأوصى أن يدفع من ماله فرس وألف درهم وسيف لمن يرابط عنه ويقاتل في بعض هذه الثغور ، فعمد الوصي فدفع ذلك كله إلى رجل من أصحابنا فأخذه منه وهو لا يعلم ، ثم علم أنه لم يأن لذلك وقت بعد ، فما تقول يحلّ له أن يرابط عن الرجل في بعض هذه الثغور أم لا؟ فقال عليهالسلام : يردّ إلى الوصيّ ما أخذ منه ولا يرابط ، فإنه لم يأن لذلك وقت بعد ، فقال : يردّه عليه ، فقال يونس : فإنه لا يعرف الوصي ، قال عليهالسلام : يسأل عنه ، فقال له يونس بن عبد الرحمن : فقد سأل عنه فلم يقع عليه كيف يصنع؟ فقالعليهالسلام : إن كان هكذا فليرابط ولا يقاتل ، قال : فإنه مرابط فجاءه العدو حتى كاد أن يدخل عليه كيف يصنع ، يقاتل أم لا؟ فقال له الرضا عليهالسلام : إذا كان ذلك كذلك فلا يقاتل عن هؤلاء ، ولكن يقاتل عن بيضة الإسلام فإنّ في ذهاب بيضة الإسلام دروس ذكر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ...» (١).
بل صريح بعض الروايات حرمة الجهاد مع غير الإمام العاقل ، فعن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم ولا ينفذ في الفيء أمر الله عزوجل ، فإنه إن مات في ذلك المكان كان معينا لعدوّنا في حبس حقنا والإشاطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية» (٢).
فالأئمة عليهمالسلام هم أحرص الناس على توسعة رقعة الإسلام ونشره ليشمل الدنيا بأسرها ، ولكن الطريقة والأسلوب الذي كان يتمّ ذلك بواسطته كان خطأ ومضرّا بنظرهم.
__________________
(١) نفس المصدر والباب ح ٢.
(٢) نفس المصدر ح ٨ باب ١٢ (تحريم الجهاد مع غير الإمام العادل).