فإنّ هذه المزعومة الجديدة لا أساس علمي لها وإنما مجرد تخرصات لا تصمد أمام النقد العلمي.
وهنا نستجلي ماهية التقمص ضمن نقاط :
الأولى : تعريف التناسخ «التقمص» ومبدأ نشوئه.
الثانية : أقسام التناسخ.
الثالثة : أدلة التناسخيين والرد عليها.
النقطة الأولى :
التناسخ من «النسخ» بمعنى الإزالة والنقل ؛ قال الراغب الأصفهاني :
«النسخ إزالة شيء بشيء يتعقبه كنسخ الشمس الظلّ ، والظلّ الشمس ، والشيب الشباب ، فتارة يفهم منه الإزالة ، وتارة يفهم منه الإثبات ، وتارة يفهم منه الأمران ، ونسخ الكتاب إزالة الحكم بحكم يتعقبه ، والقائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث على ما أثبتته الشريعة ، ويزعمون أن الأرواح تنتقل إلى الأجسام على التأبيد» (١)
ويظهر أن أصل التناسخ هم الحرنانيون «وهؤلاء طائفة من الصابئة» قالوا (إنّ التناسخ هو أن تتكرر الأكوار والأدوار إلى ما لا نهاية له ، ويحدث في كلّ دور مثل ما حدث في الأول ، والثواب والعقاب في هذه الدار لا في دار أخرى لا عمل فيها ، والأعمال التي نحن فيها إنما هي أجزية على أعمال سلفت منّا في الأدوار الماضية ... والصابئون كلّهم يصلّون ثلاث صلوات ويغتسلون من الجنابة ومن مسّ الميت وحرّموا أكل الجزور والخنزير والكلب ومن الطير كلّ ذي مخلب والحمام ، ونهوا عن السكر في الشراب وعن الاختتان وأمروا بالتزويج بوليّ وشهود ولا يجوّزون الطلاق إلا بحكم الحاكم) (٢).
والمعروف أن الدروز على حدّ تعبير الذّبياني (٣) ـ وهو درزيّ ـ أنّ الدروز يتمذهبون بناسخ الأرواح.
__________________
(١) المفردات في غريب القرآن ط قم ص ٤٩٠.
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ج ٢ ص ٥٥ ـ ٥٧.
(٣) صاحب كتاب التقمّص ص ١٣٤.