من الرسول أو الإمام السابق.
الثاني : ظهور المعجزة على يده للتدليل على أنه متعيّن من قبل الله تعالى والشيعة «أيدهم الله تعالى» حينما يشترطون النص والمعجزة وفقا لما يعتقدون من وجوب الإمامة ، وأنها بمثابة النبوة إلّا ما استثناه الدليل ، فبذا هي ركن عظيم ، وأصل من أصول الدين ، فالمسألة عندهم توقيفية ، لا رأي لغير الشارع المقدّس فيها حتى يمكنهم أن ينتخبوا إماما لهم ، ووفقا لأصوليتها كبقية الأصول التي لا مجال لرأي العباد فيها ، لا بدّ أن يكون المعيّن لها هو الباري عزّ اسمه.
ولا بدّ في النص أن يكون جليا واضحا لا خفيا مبهما ، بمعنى أنه لا بدّ أن يبرز النص اسم الإمام الجائي بعد النبي بحيث لا يوقع الناس في الريب ، لأنّ الإمامة واجبة عليه تعالى بحكم ضرورة العقل القائل بنيابة الإمامة مناب النبوة ، بل صلاحياتها أكبر وأعظم لما تمثّله من بسط أحكام الشريعة وتطبيق قوانينها ودساتيرها إلى ما هنالك من وظائف هي من مختصات الإمام عليهالسلام ، وكل هذا لا يتوفر إلّا برجل مسدّد معصوم في كل حركاته وأقواله وأفعاله.
وملكة العصمة في الإمام ـ على مذاق الإمامية ـ هي من الأمور الخفية والباطنية التي لا يعلمها إلّا الله تعالى ، فإذا كان هكذا فلا مجال لغيره تعالى أن يعيّن الإمام ، ووافقهم جماعة من المعتزلة كالنظّامية والخابطية أتباع أحمد بن خابط والحدثية ، حيث وافقوا الإمامية باشتراط النص الجلي.
وفي المقابل ذهبت الزيدية على أنّ النص على الإمام خفيّ أي أنّ النبي نص على الإمام علي عليهالسلام بالوصف دون الاسم ، والناس قد قصّروا حيث لم يتعرّفوا الوصف ، وإنما نصبوا أبا بكر باختيارهم ففسقوا به (١) ، وهؤلاء أصحاب أبي جارود زياد بن منقذ العبدي وما يظهر من عبارة السيد المرتضى (٢) من اعتباره نص الغدير من النصوص الخفية وارتضائه له بعيد عن جنابه لأنه في معرض تقسيم النص إلى جلي وخفي ، فالجلي ما قالت به الشيعة الإمامية ، والخفي ما قالت به الزيدية (٣) ولو سلّم اعتقاده كون يوم الغدير نصّا خفيا فإنه رأي شاذ تفرّد
__________________
(١) تلخيص المحصّل : ص ٤١٧.
(٢) الشافي : ج ٢ ص ٦٧.
(٣) نفس المصدر : ص ٦٧ وتلخيص المحصّل : ص ٤١٦.