وإمّا أن تكون النفس في الحيوان مجردة لها من الخصوصيات ما للنفوس الحيوانية ، ومن المعلوم أن النفس الحيوانية بما لها من الخصوصية يمتنع أن تتحول إلى النفس الإنسانية ، فإنّ كمال النفس عند الحيوان هو عبارة عن القوة الشهوية وحس الانتقام وهما كمالا لنفوس الدواب ، فلو تعلقت هذه النفس (بهذه الخصوصية) بالإنسان لوجب أن تنحط درجة إلى نوع نازل من الحيوان المناسب لهذه السجايا والغرائز ، فإذا كان مقتضى الشهوة الغالبة أو الغضب الغالب شقاء النفس ونزولها إلى مراتب الحيوانات الصامتة التي كمالها في إحدى هاتين القوتين ، فيمتنع أن يكون وجود هاتين القوتين وأفعالهما منشأ لارتفاع النفوس من درجتها البهيمية والسبعية إلى درجة الإنسان الذي كماله في كسر جماح هاتين القوتين.
هذه هيه نظرية التناسخ التي لم تبنى قواعدها على أسس منطقية سليمة ، مع مخالفتها لأحكام العقل السليم وشريعة سيد المرسلين والأنبياء السابقين. من هنا ورد النكير من أئمة الدين على المعتقدين بها ، وليس كما يدّعي أحمد أمين في كتابه فجر الإسلام ص ٢٧٧ بمقالته الممسوخة كروحه : «وتحت التشيع ظهر القول بتناسخ الأرواح».
إن التشيع هو دين محمد وعترته الطاهرة ، فما يقوله آله فعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقولون وها هي بعض كلماتهم بشأن التناسخ.
فقد روي عن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبد الله عليهالسلام فقال : أخبرني عمّن قال بتناسخ الأرواح من أي شيء قالوا ذلك؟ وبأي حجة قاموا على مذاهبهم؟
قال : إن أصحاب التناسخ قد خلّفوا وراءهم منهاج الدين ، وزينوا لأنفسهم الضلالات وامرجوا أنفسهم في الشهوات ، وزعموا أن السماء خاوية ما فيها شيء مما يوصف وأنّ مدبر هذا العالم في صورة المخلوقين بحجة من روى : أن الله عزوجل خلق آدم على صورته ، وأنه لا جنّة ولا نار ولا بعث ولا نشور ، والقيامة عندهم خروج الروح من قالبه وولوجه في قالب آخر ، إن كان محسنا في القالب الأول ، أعيد في قالب أفضل منه حسنا في أعلا درجة الدنيا ، وإن كان مسيئا أو غير عارف صار في بعض الدواب المتعبة في الدنيا ، أو هوام مشوّهة الخلقة ، وليس عليهم صوم ولا صلاة ولا شيء من العبادة أكثر من معرفة من تجب عليهم