تعذيب الجسد الثاني جزاءا لما فعله الجسد الأول هو عين الظلم لا يفعله الله سبحانه بالتناسخيين وغيرهم.
هذه بعض الردود على بطلان نظرية التناسخ المطلق. أما التناسخ المحدود فباطل أيضا للأدلة المتقدمة ولما سيأتي.
الأدلة على بطلان التناسخ النزولي.
مفاد التناسخ النزولي المحدود : أن الروح تتعلق بعد مفارقتها لجسدها الأول بجنين أو حيوان أو خلية نبات ، والكل دونها في الكمال.
هذا مردود من وجهين :
الأول : إن تعلّق النفس بالجنين الإنساني أو الحيواني أو النباتي غير ممكن عقلا وذلك لأنها قبل تعلّقها بالجنين أو الحيوان كانت فعلية وذات كمال ، وهي ما دامت في البدن فإنها تزداد في فعليتها شيئا فشيئا حتى تصير أقوى وجودا وأشدّ تحصيلا ، ومن كانت له هذه الفعلية لا يمكنه أن يتعلق بموجود أدنى منه لا يتحمل ذلك الكمال وتلك الفعلية ، لعدم تحقق التعاضد والانسجام بينهما.
وبعبارة أخرى : إن حركة النفس من الفعلية إلى القوة بشكل عام رجعية خلاف حركة التكامل التي تسير عليه الكائنات.
الثاني : إنّ تعلق النفوس بالأجنّة بعد تنزّلها عن فعلياتها وانسلاخها عن كمالاتها إما ناشئ من ذات النفس ، وإما بقهر منه سبحانه وتعالى. والأول لا يتصور ، لأن الحركة الذاتية من الكمال إلى النقص غير معقولة. والثاني ينافي الحكمة الإلهية التي تقضي ببلوغ كل ممكن إلى كماله الممكن.
الأدلة على بطلان التناسخ الصعودي :
مفاد التناسخ الصعودي : أن تكامل النفس في بدء حدوثها يتوقف على ظهور الحياة في النبات لتكون نفسا نباتية إلى أن تنتقل إلى بدن الحيوان فتصير نفسا حيوانية ثم نفسا إنسانية.
وهذا مردود من وجهين أيضا :
الأول : إن النفس الموجودة في الحيوان مثلا إمّا منطبعة في الحيوان انطباع النقش في الحجر والأعراض في موضوعاتها ، فيكون على هذا انتقالها مستحيلا لاستلزامه أن تكون في وقت الانتقال بلا موضوع ومحل.