والهرم وغيرها ، وهما معا يخرجان من القوة إلى الفعل ، ودرجات القوة والفعل في كلّ نفس معيّنة بإزاء درجات القوة والفعل في بدنها الخاص به ما دام تعلّقها البدني ، وما نفس إلّا وتخرج من القوة إلى الفعل في مدة حياتها الجسمانية ، ولها بحسب الأفعال والأعمال حسنة كانت أو سيئة ضرب من الفعلية والتحصّل في الوجود ، سواء كان في السعادة أو الشقاوة فإذا صارت بالفعل في نوع من الأنواع استحال صيرورتها تارة أخرى في حدّ القوة المحضة ، كما استحال صيرورة الحيوان بعد بلوغه إلى تمام الخلقة نطفة وعلقة ، لأن هذه الحركة الجوهرية ذاتية لا يمكن خلافها بقسر أو طبع أو إرادة أو اتفاق ، فلو تعلّقت نفس منسلخة ببدن آخر عند كونه جنينا أو غير ذلك يلزم كون أحدهما بالقوة والآخر بالفعل ، وكون الشيء بما هو بالفعل بالقوة وذلك ممتنع لأنّ التركيب بينهما طبيعي اتحادي والتركيب الطبيعي يستحيل بين أمرين أحدهما بالفعل والآخر بالقوة» (١).
السادس : إن الاعتراف بالتناسخ أو التقمص يتنافى وإمكان مخاطبة الأرواح مطلقا ـ كما يزعم محبوها اليوم ـ لأن مخاطبة الروح يستدعي فترة تجريد وهي بمعزل عن التجسد ، وهذا مستحيل لأن التعطيل في الوجود مستحيل كما قالوا. فعلى هذا الأساس لا يمكن تحضير الأرواح لاقتباس العلم منها ، فيكون ذلك تقويضا لأكبر دعامة للمذهب الروحاني الرائج في القارتين.
السابع : يلزم على القول بالتناسخ أو التقمص أن يكون القائلون به ينكحون أمهاتهم أو عماتهم أو خالاتهم وسائر المحارم الأبدية من النساء ، لأنه قد تموت أمه أو عمته وغيرهما ممن يحرمن عليه وتنتقل روحها إلى جسد أنثى ويكبر الولد وتكبر هي ثم يتفق أن يتزوج كل منهما من الآخر ، ويلزم على هذا الزواج أن يكون الأولاد أولاد حرام.
الثامن : أن القول بالتناسخ يستلزم إنكار المعاد الذي هو أصل من أصول الإسلام ، ولا يتم إسلام شخص بدونه ، وإنكاره كفر صريح واضح في الإسلام كتابا وسنة واجماعا بين المسلمين بجميع فرقهم ، لأن القول بالتناسخ يلزم منه أن تتعذب الأجسام والأرواح في الدنيا بتنقل الروح من جسد لآخر ، ولا جنة عندهم ولا نار ولا معاد ولا حساب ولا ثواب ولا عقاب ولا آخرة. هذا مضافا إلى أن
__________________
(١) نفس المصدر ص ٢ ـ ٣.