منهم من قال : إنّ أقل عدد يتحقق به مفهوم الشورى هو خمسة أشخاص يحق لهم أن ينتخبوا الإمام.
ومنهم من قال : يكفي أربعة أو ثلاثة بل اثنان.
ومنهم من قال : بكفاية الواحد إذا شهد عليه الشهود (١).
قال عبد القاهر البغدادي المتوفي عام ٤٢٩ ه :
«إنّ الإمامة تنعقد لمن يصلح لها بعقد رجل واحد من أهل الاجتهاد والورع إذا عقدها لمن يصلح لها ، فإذا فعل ذلك وجب على الباقين طاعته» (٢).
وقال الجويني :
«إنّ البيعة تنعقد بشخص واحد من بني هاشم إذا بايعه رجل واحد لا غير» (٣).
وما ذهبوا إليه ما هو إلّا تبرير لما حصل في تلك الآونة الزمنية حيث إن البيعة انعقدت لأبي بكر بخمسة اجتمعوا عليها هم : عمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة الجرّاح وسالم مولى حذيفة وبشير بن سعد وأسيد بن حضير أبو الحصين.
ولم يكتفوا بهذا بل أجازوا أن يتعيّن الإمام بالقهر والاستيلاء ، فإذا مات الإمام ، تصدّى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف ، وقهر الناس بشوكته ، انعقدت له الخلافة ، وكذا إذا كان فاسقا أو جاهلا على الأظهر (٤).
يرد على هذه الأقوال :
أولا : إنّ تعيين بعض الصحابة للخلافة دون مشورة البقيّة يعدّ خرقا لنظرية الجمهور القائلة بأنّ «يد الله مع الجماعة» «ولا تجتمع أمتي على ضلالة» و «لا تجتمع أمتي على خطأ» ، مضافا إلى اعتراضات هائلة صدرت من نفس الصحابة على خلافة البعض الآخر الذين تمّت بيعتهم لا سيما خلافة أبي بكر وابن
__________________
(١) نظام الحكم والإدارة : ص ١١٠ نقلا عن مغني المحتاج : ج ٤ ص ١٣١ ومآثر الأناقة : ج ١ ص ٤٤.
(٢) نظام الحكم والإدارة : ص ١١٠ نقلا عن أصول الدين : ص ٢٨٠.
(٣) إحقاق الحق : ج ٢ ص ٣٣٥.
(٤) الإلهيات : ج ٢ ص ٥٢٤ وشرح المقاصد.