انتفت هذه الفوائد وافتقر إلى إمام آخر وتسلسل.
وأما الأدلة السمعية على عصمة الإمام عليهالسلام فكثيرة هي من القرآن الكريم :
١ ـ قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء / ٦٠).
فقد أوجب سبحانه فيها طاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر ، وهذا يدل على عصمة أولي الأمر ، فإنّ غير المعصوم ربما يأمر بما يخالف الشرع ، وليس المراد من وجوب طاعة أولي الأمر طاعتهم فيما أمر الله به بل مطلقا فإنه يستغني عن إيجاب طاعتهم بإيجاب طاعة الله ، وبالجملة كيف يلائم الأمر المطلق بطاعة أولي الأمر الواقعين في معرض مخالفة الشرع وتفويض أمر الدين إليهم مع غرض حفظ ناموس الشرع ، وهل يكون خطر أعظم عليه من ذلك.
قال فخر الدين الرازي في تفسيره :
إنّ الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بدّ وأن يكون معصوما عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته ، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ ، والخطأ لكونه خطأ منهيّ عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد وأنه محال ، فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم ، وثبت أنّ كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما عن الخطأ فثبت قطعا أنّ أولي الأمر المذكور في الآية لا بدّ وأن يكون معصوما. انتهى.
٢ ـ ومن الآيات قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة / ١٢٥).
وفي الآية دلالة على عصمة الإمام عليهالسلام من جميع الفواحش بشتّى أقسامها ، منذ الصغر إلى الممات.
وبها يستدلّ على عصمتهم حال الصغر بوجهين :
الأول : إنّ العرف يحكم بعدم لياقة المذنب لمنصب النبوة أو الإمامة لو صدر منه ذنب حال طفولته.
الثاني : إنّ قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) عام يشمل حال الطفولة ،