ترتع ما غفلت حتّى إذا ادكّرت |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار (١) |
وإنّما أرادت ما ذكرناه من كثرة وقوع الإقبال والإدبار منها.
ويشهد لهذا التأويل قوله تعالى في موضع آخر : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (٢) ، ويطابقه أيضا قوله تعالى : (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) ؛ لأنّه وصفهم بكثرة العجلة وأنّ من شأنهم فعلها ، توبيخا لهم وتقريعا ، ثمّ نهاهم عن الاستعجال باستدعاء الآيات من حيث كانوا متمكّنين من مفارقة طريقتهم في الاستعجال ، وقادرين على التثّبت والتأيّد.
وثانيها : ما أجاب به أبو عبيدة وقطرب بن المستنير وغيرهما من أنّ في الكلام قلبا ، والمعنى : خلق العجل من الإنسان ، واستشهد على ذلك بقوله تعالى : (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) (٣) ، أي قد بلغت الكبر ، وبقوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) (٤) ؛ والمعنى : إنّ العصبة تنوء بها ، وتقول العرب : «عرضت الناقة على الحوض» ، وإنّما هو عرضت الحوض على الناقة ، وقولهم : «إذا طلعت الشّعرى استوى العود على الحرباء» ؛ يريدون استوى الحرباء على العود ؛ وبقول الأعشى :
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته |
|
وأن تعلمي أنّ المعان موفّق (٥) |
يريد أن الموفّق لمعان.
وبقول الآخر :
على العيارات هدّاجون قد بلغت |
|
نجران ، أو بلغت سوءاتهم هجر (٦) |
والمعنى : أنّ السوءات هي التي بلغت هجر.
__________________
(١) ديوانها : ٣٨ ، واللسان (سوا) ؛ وفي ف ، وحاشية بعض النسخ (من نسخة) : «ما رتعت» ؛ وهي رواية الديوان.
(٢) سورة الإسراء ، الآية : ١١.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٤٠.
(٤) سورة القصص ، الآية : ٧٦.
(٥) ديوانه : ١٤٩.
(٦) البيت للأخطل ، ديوانه : ١٠ ، والهدج : مشى في ارتعاش.