فالجواب عن ذلك : أنّ ذلك كلّه كالمجمل ، لم يبين فيه كيفية السجود ، والخبر الّذي رويناه قد ثبت فيه كيفيّة السجود فهو أولى (١).
[الثالث :] وممّا انفردت به الإمامية : القول بأن من وطئ أمته وهي حائض أن عليه أن يتصدق بثلاثة أمداد من طعام على ثلاث مساكين. وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
دليلنا بعد الإجماع المتردّد ، أنا قد علمنا أن الصدقة برّ وقربة وطاعة لله تعالى فهي داخلة تحت قوله تعالى : (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) ، وأمره بالطاعة فيما لا يحصى من الكتاب ، وظاهر الأمر يقتضي الإيجاب في الشريعة ، فينبغي أن تكون هذه الصدقة واجبة بظاهر القرآن ، وإنّما يخرج بعض ما يتناوله هذه الظواهر عن الوجوب ويثبت له حكم الندب بدليل قاد إلى ذلك ولا دليل هاهنا يوجب العدول عن الظاهر (٢).
[الرابع :] وممّا انفردت به الإمامية القول : بأن من نام عن صلاة العشاء الآخرة حتّى يمضي النصف الأوّل من الليل وجب عليه أن يقضيها إذا استيقظ وأن يصبح صائما كفارة عن تفريطه ، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك.
دليلنا على صحّة قولنا : ـ بعد الإجماع الذي يتردّد ـ الطريقة الّتي ذكرناها قبل هذه المسألة بلا فصل من قوله تعالى : (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) وأمره جلّ وعزّ بالطاعة على الترتيب الذي بيّنّاه (٣).
[الخامس :] وممّا ظنّ انفراد الإمامية به القول بوجوب العقيقة وهي الذبيحة الّتي تذبح عن المولود ذكرا كان أو أنثى. وخالف باقي الفقهاء في ذلك فقال الشافعي ومالك : مستحبّة (٤) ، وقال أبو حنيفة ليست بمستحبة (٥) ، وحكي عن الحسن البصري القول بوجوبها وهو مذهب أهل الظاهر (٦) وهذه موافقة للإمامية.
دليلنا بعد الإجماع المتردّد أن العقيقة نسك وقربة بلا خلاف وإيصال منفعة
__________________
(١) الناصريات : ٢٢٥.
(٢) الانتصار : ١٦٥.
(٣) الانتصار : ١٦٥.
(٤) اختلاف الفقهاء (للطحاوي) ، ١ : ٨٩ ـ ٩٠.
(٥ ـ ٦) المغني (لابن قدامة) ، ١١ : ١٢٠.