وبما روي عنه عليه وآله السلام من قوله : «من أحبّ أن ينسك عن المولود فلينسك عن الغلام بشاتين ، وعن الجارية بشاة» (١) فعلّق ذلك بالمحبّة ، وما كان واجبا لا يعلّق بالمحبّة.
وبما يروونه عن فاطمة صلوات الله عليها قالت : «يا رسول الله أعقّ عن ابني الحسن؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إحلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضّة» (٢) ، ولو كانت واجبة لأمرها عليهاالسلام بها.
والجواب عن ذلك كلّه : أنّ هذه أخبار آحاد تنفردون بها ولا نعرف عدالة رواتها ولا صفاتهم وبإزائها من الأخبار الّتي تقدّمها ننفرد برواياتها ما لا يحصى وما تنفردون أيضا بروايته ما قد ذكرنا بعضه.
ولو عدلنا عن هذا كلّه وسلّمت هذه الأخبار من كلّ قدح وجرح أوجبت غالب الظنّ أليس من مذهبنا أنّ أخبار الآحاد لا توجب العمل في الشريعة بها؟ وإنّما جاز لنا أن نعارضهم بأخبار الآحاد ، لأنّهم بأجمعهم يذهبون إلى وجوب العمل بأخبار الآحاد.
ثمّ نستظهر متبرّعين بذكر تأويل هذه الأخبار. أمّا الخبر الأوّل فلا دلالة لهم فيه ؛ لأنّه نفي أن يكون في المال حقّ سوى الزكاة والعقيقة عند من أوجبها تجب في ذمّة الوالدين لا في المال.
وأمّا الخبر الثاني فلا حجّة فيه ؛ لأنّه إنّما علّق الفضل في ذلك بالمحبّة لا الأصل والفضل في أن يعقّ بشاتين وقد تجزئ الواحدة ويجري مجرى ذلك قول القائل من أحبّ أن يصلّي فليصلّ في المساجد وفي الجماعات ، وإنّما يريد الفضل وإن كان أصل الصلاة واجبا.
وأمّا الخبر الثالث فغير ممتنع أن يكون عليهالسلام عتق عنه أو عزم على أن يتولّى ذلك فعدل عن أمرها بذلك إلى قربة أخرى لهذه العلّة (٣).
__________________
(١) جامع الأصول ، ٨ : ٣١٤.
(٢) سنن البيهقي ، ٩ : ٣٠٤.
(٣) الانتصار : ١٩١.