وقد قيل : إنّ غاية ما في الخبر أنّ ظاهره يقتضي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما باشر جلده بنفسه ، وذلك لا يدلّ على أنّه لم يأمر غيره بجلده.
والقول في الخبر الذي يرويه نافع عن ابن عمر أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رجم اليهوديين ولم يجلدهما (١) يجري مجرى الكلام في هذا الخبر ، على أنّ هذا الخبر الذي رووه معارض بما يروونه هم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : الثيّب بالثيّب تجلد مائة والرجم (٢) (٣) ، وهذا يعارض رواياتهم ويسقط الرجوع عن ظاهر الكتاب بها ، وإذا كان هذا موجودا في رواياتهم فما ترويه الشيعة من ذلك لا يحصى كثرة من اجتماع الجلد والرجم (٤).
[الثاني :] وممّا انفردت به الإمامية القول : بأنّ الإحصان الموجب في الزاني الرجم هو أن يكون له زوجة ؛ أو ملك يمين يتمكّن من وطئها متى شاء من غير حايل عن ذلك بغيبة ؛ أو مرض منهما ، أو حبس دونه ، سواء كانت الزوجة حرّة ، أو أمة ملّية ، أو ذمّية ، لأنّ هذه الصفات إذا ثبتت فهو مستغن بالحلال عن الحرام ، ونكاح المتعة عندنا لا يحصن على أصحّ الأقوال ؛ لأنّه غير دائم ومعلق بأوقات محدودات ، وفرّقوا بين الغيبة والحيض ؛ لأنّ الحيض لا يمتدّ وربّما امتدّت الغيبة ، ولأنّه قد يتمتّع من الحائض بما دون موضع الحيض وليس كذلك الغيبة ... دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه : بعد إجماع الطائفة أنّ الإحصان اسم شرعي تحته حكم شرعي بغير شبهة ، ولا خلاف في أنّ الحرّ المسلم إذا كان عنده زوجة ، كذلك يتمكّن من وطئها بغير مانع عنه ؛ فإنّه محصن (٥).
[الثالث :] والشافعي ومن وافقه من أبي يوسف ومحمد ، يجرون اللواط مجرى الزنا في جميع الأحكام ، فيا ليت شعري من أين لهم ذلك؟ وكيف حكموا فيه بحكم الزنا؟ واسم الزنا لا يتناوله في الشرع ، فإن قالوا اسم الزنا وإن لم يتناوله فاسم الفاحشة عامّ في اللواط والزنا ، قلنا : إنّما علّق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٨٥٤ ح ٢٥٥٦.
(٢) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٨٥٢ ح ٢٥٥٠.
(٣) الوسائل ، ١٨ : ٣٤٨ و ٣٤٩ ح ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٥.
(٤) الانتصار : ٢٥٤.
(٥) الانتصار : ٢٥٨ و ٢٥٩.