الأحكام المخصوصة بأسم الزنا ، فلمّا لم يقع عليه هذا الاسم المعيّن لم يتعلّق به الأحكام واسم الفاحشة ، وإن عمّ اللواط فهو يعمّ الزنا ، والسرقة ، وكلّ القبائح فيجب أن يجعل (١) بجميع هذه الجنايات أحكام الزنا ؛ لأنّ اسم الفاحشة يقع عليها ، قال الله تعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) (٢) وإنّما أراد جميع القبائح والمعاصي.
[الرابع :] وممّا ظنّ إنفراد الإمامية به وأهل الظاهر يوافقونها فيه القول : بأنّ للامام والحكّام من قبله أن يحكموا بعلمهم في جميع الحقوق والحدود من غير إستثناء ، وسواء علم الحاكم ما علمه وهو حاكم أو علمه قبل ذلك ، وقد حكي أنّه مذهب لأبي ثور (٣).
وخالف باقي الفقهاء في ذلك ... (٤)
والذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه ـ زائدا على الاجماع المتردد ـ قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (٥) ، وقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٦) ، فمن علمه الإمام سارقا أو زانيا قبل القضاء أو بعده ، فواجب عليه أن يقضي فيه بما أوجبته الآية من إقامة الحدود ، وإذا ثبت ذلك في الحدود فهو ثابت في الأموال ، لأنّ من أجاز ذلك في الحدود أجازه في الأموال ، ولم يجزه أحد من الأمّة في الحدود دون الأموال.
فإن قيل : لم زعمتم أنّه أراد بقوله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) من علمتموه كذلك ، دون أن يكون أراد من أقرّ عندكم بالسرقة ، أو زنا ، أو شهد عليه الشهود.
قلنا : من أقرّ بزنا أو شهد عليه الشهود لا يجوز أن يطلق القول بأنّه زان ، وكذلك السارق ، وإنّما حكمنا فيهما بالأحكام المخصوصة اتّباعا للشرع ، وإن
__________________
(١) يحصل لجميع خ ل.
(٢) سورة الأعراف ، الآية : ٣٣.
(٣) المغني (لابن قدامة) ، ١١ : ٤٠٠.
(٤) الانتصار : ٢٣٦.
(٥) سورة النور ، الآية : ٢.
(٦) سورة المائدة ، الآية : ٣٨.