الذي يذهب إليه أصحابنا أنّ الكفاءة في الدين معتبرة ؛ لأنّه لا خلاف بين الأمّة في أنّه لا يجوز أن يزوّج المرأة المسلمة المؤمنة بالكفّار.
وأمّا الكفاءة في النسب فليست شرطا في النكاح ، ولم يختلف الفقهاء في أنّ عدم الكفاءة لا يبطل النكاح إلّا ما حكي عن ابن الماجشون (١) ، فإنّه ذهب إلى أنّها شرط في صحّته ... والذي يحتاج إليه أن يدلّ على أنّه لا اعتبار بالنسب في الكفاءة وصحّة العقد ، والذي يدلّ على ذلك الإجماع المتكرّر ذكره.
وأيضا ما روي من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد ولم يكن كفؤا لها ، لأنّه مولى وهي حرة عربية (٢).
وأيضا ما روي من أنّ سلمان خطب إلى عمر بنته فأنعم له بذلك وكان سلمان عجميا (٣) ، فدلّ على أنّ الكفاءة في النسب غير معتبرة.
وأيضا قوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) وكلّ ظاهر في القرآن يقتضي الأمر بالنكاح هو خال من الاشتراط في النسب.
فإن قيل : هو أيضا خال من اشتراط الدين.
قلنا : إنّما اشترطنا الدين بالدليل والاجماع ، وإلّا فالظاهر لا يقتضي اشتراطه (٤).
[الثاني :] وممّا ظنّ إنفراد الإمامية به ، وشنّع عليهم لأجله القول بأنّ الشهادة ليست بشرط في النكاح ، وقد وافق داود في ذلك (٥) ، وقال مالك : إذا لم يتواصوا بالكتمان صحّ النكاح وإن لم يحضروا الشهود (٦) ؛ وباقي الفقهاء جعلوا الشهادة في النكاح شرطا (٧) والحجّة لقولنا إجماع الطائفة ، وأيضا فانّ الله
__________________
(١) المجموع ، ١٦ : ١٨٥.
(٢) أحكام القرآن (للجصّاص) ، ٢ : ١٢٨.
(٣) المبسوط ، ٥ : ٢٣.
(٤) الناصريات : ٣٢٧.
(٥) نيل الأوطار ، ٦ : ١٢٧.
(٦) قال في الرسائل ١ : ٢٣٧ قال مالك : وشرط النكاح أن لا يتواصوا بأعلم يصحّ وإن حضر الشهود وان لم يتواصوا بالكتمان صحّ وان لم يحضر الشهود.
(٧) المغني (لابن قدامة) ، ٧ : ٣٣٩.