الطيرة على التحقيق ؛ لأنّ الطّيرة والتشاؤم ـ وإن كان لا تأثير لهما على التحقيق ـ فإنّ النفوس تستشعر ذلك ، ويسبق إليها ما يجب على كل حال تجنّبه والتوقّي عنه ؛ وعلى هذا يحمل معنى قوله عليهالسلام : «لا يورد ذو عاهة على مصحّ».
فأمّا تحريم السمك الجرّي وما أشبهه فغير ممتنع لشيء يتعلّق بالمفسدة في تناوله ؛ كما نقول في سائر المحرّمات. فأمّا القول بأن الجرّيّ نطق بأنّه مسخ لجحده الولاية فهو ممّا يضحك منه ويتعجّب من قائله ، والملتفت إلى مثله.
فأمّا تحريم الدبّ والقرد والفيل فكتحريم كلّ محرّم في الشريعة ، والوجه في التحريم لا يختلف ؛ والقول بأنّها ممسوخة إذا تكلّفنا حملناه على أنّها كانت على خلق حميدة غير منفور عنها ، ثمّ جعلت على هذه الصّور الشّنيئة على سبيل التنفير عنها ، والزيادة في الصّدّ عن الانتفاع بها ؛ لأنّ بعض الأحياء لا يجوز أن يكون غيره على الحقيقة. والفرق بين كل حيين معلوم ضرورة ، فكيف يجوز أن يصير حيّ حيا آخر غيره؟ وإذا أريد بالمسخ هذا فهو باطل ، وإن أريد غيره نظرنا فيه.
وأمّا البطيخة فقد يجوز أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام لما ذاقها ونفر عن طعمها ؛ وزادت كراهيّته له قال : «من النار وإلى النار» ؛ أي هذا من طعام أهل النار ، وما يليق بعذاب أهل النار ، كما يقول أحدنا ذلك فيما يستوبئه ويكرهه.
ويجوز أن يكون فوران الدخان عند الإلقاء لها على سبيل التصديق ، لقوله عليهالسلام : «من النار وإلى النار» وإظهار معجز له.
وأمّا ذمّ الأرضين السّبخة ، والقول بأنّها جحدت الولاية ؛ فمتى لم يكن محمولا معناه على ما قدّمناه من جحد هذه الأرض وسكّانها الولاية لم يكن معقولا ؛ ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ).
وأمّا إضافة اعتقاد الحقّ إلى بعض البهائم واعتقاد الباطل والكفر إلى بعض آخر فممّا تخالفه العقول والضرورات ؛ لأنّ هذه البهائم غير عاقلة ولا كاملة ولا