أرمي عليها وهي فرع أجمع |
|
وهي ثلاث أذرع وإصبع |
أراد : أرمي عنها ؛ لأنّ كلام العرب : رميت عن القوس ، فأقام «على» مقام «عن» ، ولو أنّه قال تعالى على هذا المعنى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) ، ولم يقل : «من فوقهم» جاز أن يتوهّم متوهّم أن السقف خرّ وليس هم تحته.
وثانيها : أن يكون «على» بمعنى اللام ؛ والمراد : فخرّ لهم السقف ؛ فإن «على» قد تقام مقام اللام ؛ وحكي عن العرب : ما أغيظك عليّ! وما أغمّك عليّ! يريدون : ما أغيظك ، وما أغمّك لي! ، قال الطّرمّاح يصف ناقة :
كأنّ مخوّاها علي ثفناتها |
|
معرّس خمس وقّعت للجناجن (١) |
أراد : وقّعت على الجناجن ؛ وهي عظام الصدر ، فأقام اللام مقام «على».
وقد يقول القائل أيضا : تداعت على فلان داره ، واستهدم عليه حائطه ، ولا يريد أنّه كان تحته ؛ فأخبر تعالى بقوله : (مِنْ فَوْقِهِمْ) عن فائدة ؛ لولاه ما فهمت. ولا جاز أن يتوهّم متوهّم في قوله تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) ما يتوهّمه من قوله : خرب عليه ربعه ، ووقعت عليه دابته ، وأشباه ذلك.
وللعرب في هذا مذهب طريف لطيف ؛ لأنّهم لا يستعملون لفظه «على» في مثل هذا الموضع إلّا في الشرّ والأمر المكروه الضارّ ، ويستعملون اللام وغيرها في خلاف ذلك ؛ ألا ترى أنّهم لا يقولون : عمرت على فلان ضيعته ، بدلا من قولهم : خربت عليه ضيعته ، ولا ولدت عليه جاريته ؛ بل يقولون : عمرت له ضيعته ، وولدت له جاريته ؛ وهكذا من شأنهم إذا قالوا : «قال عليّ» و «روى عليّ» ؛ فإنّه يقال في الشرّ والكذب ، وفي الخير والحقّ ؛ يقولون : «قال عنّي» ؛
__________________
(١) ديوانه : ١٦٨. يقال : خوى البعير ؛ إذا تجافى في بروكه ومكن لثفناته ، والثفنات : جمع ثفنة ؛ وهو من البعير ركبته ، وما مس الأرض من كركرته وأصول أفخاذه ، والمعرس : محل التعريس : وهو النزول آخر الليل. وفي حاشية بعض النسخ : «يعني كأن تجاوف أعضائها المتجافية عند البروك معرس لخمس أنوق» ؛ والبيت برواية القالي (الأمالي : ٣ / ١٦٥).
لها تفرات تحتها وقصارها |
|
على مشرة لم تعتلق بالمحاجن |